السياسة هي في كل مكان حولك. إنها في الهاتف أو الحاسب الذي تستخدمه الآن في قراءة هذا الموضوع وتصفح هذا الموقع. في علبة السجائر التي بجوارك. في الساعة التي تزين معصمك. في قنينة الماء التي ترتشفها. وفي وجبتك التي فرغت للتو من تناولها. ولكن كيف؟
إن كنت ممن يقولون إن السياسة «وجع راس»، وربما سمعت عبارة «ما علينا من السياسة».. فمن المهم أن تدرك أنها ليست شيئًا يمكن تجنبه. فالهاتف الذي تستخدمه يخضع لسياسة على شكل قوانين الاستيراد والجمارك والضرائب مثلًا. والماء الذي تشربه يخضع لقوانين الصحة والضرائب وقوانين الأجور ونحوها. فكل شيء حولك تدخل فيه السياسة وتلعب دورًا جوهريًا في شكله، ونوعه، وجودته، وتكلفته.
وقد بدأت السياسة كممارسة مع ظهور الإنسان الأول، وفي أشكال بسيطة كتقسيم المهام الأساسية للبقاء كالصيد، وحماية الصغار، وتقاسم الوجبات، وتنظيم عملية حفظ الطعام في الشتاء، وحصص الجميع فيه. ثم تقدمت السياسة مع ظهور القبيلة ككيان اجتماعي وسياسي يتعامل فيه الأفراد فيما بينهم بقوانين وأعراف معينة وتحت قيادة شخص أو مجموعة أشخاص على رأس هذه القبيلة. وربما شهدت القبائل نفسها أشكالًا للتنازع على السلطة في داخلها. ومع تعدد القبائل وتجاورها بدأت تظهر أسس ممارسة العلاقات الدولية بجذور ما قبل الدولة. من خلال التعاملات والتبادلات وأشكال التعاون المختلفة إلى الحروب والصراعات على الموارد والنفوذ والمصالح المتضاربة.
ومع ظهور المدن الحضرية أصبحت الروابط القبيلة أكثر مدنية، وتطلبت نظمًا اقتصادية وإدارية مختلفة، أساسها وجوهرها وصانعها هي النظم السياسية ومبادئها الأولية. وارتبطت السياسة بعلوم أخرى في البداية، كالفلسفة والتاريخ والاقتصاد، ثم زاد ارتباطها بعلوم أخرى كعلم الاجتماع وعلم النفس، فكانت السياسة أقسامًا من علوم أخرى فظهر الاقتصاد السياسي، الفلسفة السياسية، اجتماع سياسي، تاريخ سياسي، وهلم جرا. وأصبحت جزءًا واضح المعالم من كل شيء في حياتنا، كالثقافة والفنون والأدب، والدين، وسائر العلوم، والمعارف. وكانت ولا زالت السياسة بأدواتها كالسلطة والقوة والقانون صانعة لكل مجريات حياتنا اليومية. ثم تحول تدريجيًا إلى علم مستقل له آلياته ومناهجه وأقسامه الخاصة.
واليوم أصبح من المستحيل تجريد أي شيء حولنا من الدور والتأثير السياسي. وفي حين أصبحت السياسة في كل شيء أصبحت مجالات العلوم السياسية أكثر اتساعًا وموضوعاتها البحثية أكثر شمولًا. فالسياسيون وعلماء السياسة هم صانعو عالمنا اليوم وغدًا. وهم متخذو القرار وصناعه، بشكل مباشر أو غير مباشر.
فأنشأت الدول الجامعات والمراكز البحثية ودوائر الدراسة والتحليل للتحرك وفقًا للعلم والسياسة ومخرجاته البحثية. ولا تكاد توجد مؤسسة سياسية في العالم لا تحركها خلية من الباحثين السياسيين. ولا يتخذ قرار دون دراسة سياسية منهجية له. سواء أكانت كافية أم غير كافية.
ومن واقع الأهمية العلمية والعملية لعلم السياسة أنشأنا منصة سياسور الأولى في العالم العربي. لتكون منصة للتعلم ومصدرًا للحصول على المعلومات العلمية في القضايا السياسية. ووسيلة تعزيز المحتوى العربي في هذا المجال. وتحت شعار “السياسة منذ الأزل” نسعى لتوفير كل جديد وربط المحتوى المتوافر عبر شبكة الإنترنت بعضه ببعض، ليسهل الوصول إليه والاستفادة منه.