مقدمة:
روسيا هي دولة تقع في شمال أوراسيا، ذات حكم جمهوري بنظام شبه رئاسي تضمُّ 83 كيانًا اتحاديًا. كما لروسيا حدود مشتركة مع كل نت النرويج وفنلندا وإستونيا وليتونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا وروسيا البيضاء وأوكرانيا وجورجيا وأذربيجان وكازاخستان وجمهورية الصين الشعبية ومنغوليا وكوريا الشمالية. اذ تمثل روسيا جسرا بين قارتي أوروبا وآسيا. و يحدها من الشرق بحر بيرنغ وبحر أخوتسك وبحر اليابان، كما أن لديها حدودًا بحريَّة مع اليابان في بحر أوخوتسك والولايات المتحدة عن طريق مضيق بيرينغ. وهذه البحار الثلاثة تتفرع من المحيط الهادئ. ومن الغرب تحدها بلاروسيا (روسيا البيضاء)، لاتفيا، إستونيا، خليج فنلندا، والنرويج، ويقع إقليم كاليننغراد الروسي بين لتوانيا وبولندا. بينما يحدها من الشمال بحر بارنتس، بحر كارا، بحر لابتيف، بحر شرق سيبريا، وبحر تشوكوتكا، وجميع هذه البحار تتفرع من المحيط المتجمد الشمالي. أما من الجنوب فتحدها الصين، منغوليا، كازاخستان، أذربيجان، جورجيا والبحر الاسود. بينما تجاورها من أقصى الجنوب الشرقي كوريا الشمالية.[1]
وتعتبر روسيا أكبر بلدان العالم من حيث المساحة، إذ تمتد من سواحل المحيط الهادي شرقاً حتى شرق أروبا، على مساحة تزيد على 17 مليون كم مربع. وإذ تقع جغرافية روسيا على امتداد قارتي آسيا واوروبا، فأنها تشكل نواة ما يعرف في الدراسات الجيوسياسية بـ”أورآسيا”. وتضم اليوم حوالي ثلث مساحة القارة الآسيوية؛ مما شكل علاقة محيرة بين الدولة التي ظلت متجذرة في النظام السياسي الاوروبي (إذ يقع ما نسبته 25% من الاتحاد الروسي في أوروبا) وبين عمقها لاآسيوي (75% من مساحة الاتحاد الروسي). وقد كانت روسيا، ولا زالت، لاعباً مهما في السياسة الدولية؛ منذ أحداث “اللعبة الكبرى” في آسيا الوسطى وتنافسها مع بريطانيا خلال القرن التاسع عشر، من تقسيم الإمبراطورية الفارسية إلى منطقتي نفوذ بين القوتين، وحتى الحربين العالميتين، اللتين انسحبت من أولاهما وخرجت منتصرة من الثانية، والحرب الباردة بين معسكر موسكو ومعسكر واشنطن في القرن العشرين.[2]
كما كانت روسيا دائما محور اهتمام علماء الجغرافيا السياسية الاوائل امثال ماكيندر وماهان وسبيكمان وكارل هاوسهوفر. ومثلت مساحتها وموقعها اهمية مبرى في الدراسات الجيوبولتيكية لمناطق القوة والتوسع وظهرت ما يعرف بنظرية “قلب الارض” و”المنطقة المركزية”. وكانت هذه النظريات هي محرك النازية الاول للهجوم على روسيا السوفيتية في غمار الحرب العالمية الثانية.
فهل لعبت المساحة دور في توليد تلك الاهمية الجغرافية لروسيا؟ وما انعكاسات ذلك على سياساتها الخارجية وتعاملاتها الدولية؟
عامل المساحة في الدراسات الجيوبوليتيكية:
تؤثر المساحة في القيمة السياسية للدولة، وفي تأثيرها على الدول المجاورة بناءً على نسبة مساحة الدولة للدولة لمجاورة لها. ولذا تعني المساحة الكبيرة (ضمنياً) إمكانية أكبر نظراً لكثرة السكان وغنى الموارد الاقتصادية وتنوعها. وتجدر الاشارة الة انه من غير الضروري ظان تكون الدولة الكبيرة في مساحتها، عظيمة في مكانتها. فقد تؤثر عوامل اخرى لتحد من تأثير المساحة على قوة الدولة ومكانتها وتأثيرها في السياسية الدولية، كالمناخ وعدد السكان والذي قد يؤيدان الى جعل المساحة عبى على الدولة بدل من كونها عامل قوة لها.[3] كما سيتضح معنا لا حقاً في الحديث عن عوامل الضعف التي تشكلها المساحة لدولة روسيا الاتحادية.
ومن المهم القول انه وكما تختلف مساحات الدول فيما بينها فأن مساحة الدولة الواحدة تختلف على مر الزمان ولعوامل واسباب ليس هذا التقرير مجال للحديث عنها. وقد تحاول بعض الدول زيادة مساحتها لأن المساحة تعني عمقاً استراتيجياً.[4] وهذا يبين أن المساحة تلعب دورا اساسيا وعامل مؤثراً بشكل كبير في القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية للدولة وهو ما سيبين لاحقا عند الحديث عن نقاط القوة التي تضفيها المساحة على الدولة الروسية.
ولذا ليس من الضروري ان تبلغ الدولة ذات المساحة الكبيرة مرتبة الدولة العظمى. فقد يكون الجزء الأكبر من تلك المساحة لا يساعد على السكنى كأن يكون شديد الجفاف مثل الصحاري أو ان تكون مكسوة بالغابات مثل حوض الكونغو والامازون أو مغطى بالجليد مثل كندا، وفي هذه الحالة لا يكون لعنصر المساحة الواسعة قيمة تذكر في هذا الصدد لأنه لا يساعد على كثرة السكان. اذ تتوقف المساحة المناسبة لأي دولة على العلاقة التي تربط المساحة بالسكان فالإنسان هو صانع الدولة ولكن الأرض هي التي تمده بوسائل الحياة.[5]
وكما ذكرت الدكتورة خديجة الهيصمي في دراسة لها[6]، فإن “الوحدات السياسية يتحدد سلوكها السياسي ضمن مجموعة أخرى من المحددات تتضمن مساحة الدولة”، ولا يمكن دراسة تأثير عامل واحد على سياسيات الدول الخارجية في حالات التعاون والصراع الا من باب التفصيل وليس من باب العزل التجريد.
نقاط القوة التي تضفيها المساحة على الدولة الروسية:
- العمق الاستراتيجي، وصعوبة وقوعها تحت الاحتلال. اذ تزود المساحة الكبيرة الدولة بعمق استراتيجي يجعل من الصعب التغلغل الى العمق الروسي ويجعل من المستحيل السيطرة على كل اجزاء الدولة من قبل المحتل ومن ثم صبح اخضاعها بالكامل ولفترة طويلة مسالة مستحيلة. اذ وان تمكن العدو من التغلغل خلال تلك المساحة – والتي تعني اطالة امد الحرب وكثرة الخسائر وازياد المعارك- فعدم السيطرة على اجزاءها المختلفة يجعل منها منطلق وقاعدة لمقاومة الغازي. وبل وان اراد الغازي المغادرة والانسحاب فن يكون ذلك بالأمر الهين اذ وعلى طول الطريق ستتعرض قواته لغارت وهجمات مختلفة حتى يتم القضى عليه.
وفي هذا السياق يبدو ان محاولة نابيون اولا كانت مثالاً عمليا على هذه النقطة. “جهز نابليون القوات من كل مقاطعات إمبراطورتيه الشاسعة حتى أصبح لديه جيش من ستمائة ألف رجل، أكثر من نصف مليون إنسان! أحد أكبر الجيوش التي رآها العالم” حتى ذلك الوقت. و “في 1812، زحف هذا الجيش إلى روسيا. لم يقابل الجنود أي مقاومة بينما هم يتوغلون في قلب البلد أكثر فأكثر. وكلما تقدموا، تراجع الروس. وأخيراً، وعلى بوابات موسكو، توقف الجيش الروسي العظيم.” بعد ان استدرج الجيش الفرنسي للتوغل الى العمق.. “هاجم نابليون المدينة، حيث بدا منتصراً في هجومه،“.. “وعليه فقد زحف داخلاً موسكو ليُفاجأ بأن المدينة شبه خالية وقد هرب معظم سكانها.” وبما أن المساحة الكبيرة تصعب ان لم يستحل اخضاعها للسيطرة فقد مثلت مهربا وملتجئ ومنطلق للهجوم على القوات الفرنسية فيما بعد، “كان الوقت آخر الخريف.” لعب المناخ عامل مساندا للمساحة في هذه المعركة اذ ان نهاية الخريف تبشر ببرد الشتاء القادم اضافة الى عدم وجود ومحاصيل زراعية ومؤن للجيش الغازي. “تمركز نابليون في الكرملين، القلعة الامبراطورية القديمة، بانتظار أن يملي شروطه على أعدائه. بعدها، أتت الأخبار بأن ضواحي موسكو تحترق. في تلك الايام، كانت معظم بيوت موسكو من الخشب، وعليه فقد انتشر الحريق بتوسع حيث ابتلعت النيران أجزاء كبيرة من المدينة. على الأغلب، بدأ الروس الحريق بأنفسهم ليضغطوا على الفرنسين. ولقد ذهبت كل الجهود لإخماد النيران سدى.
أين يسكن ستمائة ألف رجل في موسكو التي تحترق؟ وكيف يمكن إطعامهم؟ لم يكن لدى نابليون من خيار سوى التراجع.” وهنا ستبرز اهمية المساحة في جعل الانسحاب جحيماً بالنسبة للقوات الغازية. “في تلك الأثناء، كان الشتاء قد حل حيث هبط البرد القارس. كل ما كان على امتداد بصرهم على طول طريقهم تم نهبه وإتلافه. لقد أصبح التراجع عبر الاراضي الخربة الجليدية اللامتناهية للسهول الروسية شيئاً أفظع من أن يوصف. تساقط المزيد والمزيد من الجنود على أجناب الطرق بعد أن أشتد عليهم البرد والجوع، كما نفقت الآلاف من الخيول. هاجم الروس القوزاق من فوق ظهور خيولهم مؤخرة واجنحة الجيش. حارب الجنود” الفرنسيون “من القوزاق وفي وسط عاصفة ثلجية هائجة” وهنا ايضاً يتضح دور عامل اخر في هذا المعركة مساندا لعامل المساحة في التأثير على سيرورة المعركة. “لكن قواهم خارت شيئاً فشيئاً حتى فقدوا الأمل. أقل من واحد على العشرين من الجنود نجا من هذه الهزيمة الشنعاء بالغاً الحدود الألمانية، وقد بلغ مراحله الأخيرة من المرض والارهاق. أما نابليون فقد هجر قواته متنكراً في هيئة فلاح وأسرع عائدا إلى باريس على مزلاجة“.[7] وبهذا كانت المساحة على راس العوامل التي اسهمت في هذا النصر الروسي كما فعلت لاحقاً مع هتلر.
وقبل ذلك ففي العام “1703، والذي انطوى على حرب ضروس ضد الامبراطورية السويدية: قامت السويد بالغزو عبر أهوار ماسوريا في المنطقة التي تمثلها بيلاروسيا، فيما حرق الروس المحاصيل كجزء من سياسة الأرض المحروقة في المناطق الجافة”[8]. مستغلين بذلك عامل المساحة والتضاريس وصعوبة المناخ.
و”أوصل غزو هتلر في العام 1941 باتجاه الشرق عبر السهل روسيا الأوروبية القوات الألمانية إلى ضواحي موسكو، كما صار في متناولها الوصول إلى بحر قزوين، إلى أن جرى إيقاف تقدمها في ستالينغراد في أوائل 1943″…”ومع فشل الخطط اللوجستية بآلة هتلر الحربية وسط الاتساع الهائل لروسيا الأوروبية، وهو ما يشبه كثيرا ما حدث لجيوش نابليون قبل ذلك بقرن من الزمان”[9].
وتلعب المساحة دورا مهما في خلق تنوع في التضاريس والتي تبرز اهميتها “في رسم الاستراتيجيات العسكرية للدولة وفي سير العمليات العسكرية، كما تؤثر على القيام بالتحركات العسكرية والتكتيكية. من ما يسهل عملية الدفاع عنها ويصعب السيطرة عليها.
كما ان للمساحة الكبيرة لروسيا الاتحادية دور في تنوع مناخها. فإلى جانب كون القسم الاعظم منها يقع إلى الشمال من خط العرض 50، ما يجعلها قاسي البرودة في مناخ أشد من برودة كندا. الا ان المساحة الواسعة لروسيا قد اوجدت استثناءً لهذا المبدأ متمثلاً في جبال القوقاز. نجد حرارتها المعتدلة نسبياً عند خط العرض 43درجة.[10]
- الوفرة في الموارد الطبيعية والتنوع في البيئات؛ اذ توفر المساحة الكبيرة زيادة في الموارد المتوقعة، سواء الخشب والتي تحويه الغابات او المعدن ومصادر الطاقة التي تحويها الجبال واعماق الارض والبحار، او الثروة السمكية – والتي تعتبر في روسيا محدودة الى حد ما لكثرة البحيرات المتجمدة- والثروة الحيوانية، كثرة الاراضي الصالحة للزراعة. فإضافة الى الغاز الطبيعي – الذي تتصدر روسيا إنتاجه عالمياً – والنفط، هناك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وغيرها من الموارد.[11]
وتضم روسيا طائفة واسعة من البيئات والتضاريس وتمتلك أكبر احتياطي في العالم من الموارد المعدنية والطاقة ولديها أكبر احتياطيات العالم من الغابات والبحيرات، التي تحتوي ما يقرب من ربع المياه العذبة في العالم[13]. وتوفر المساحة الشاسعة والممتدة لروسيا تنوعا بديعا في البيئات والذي يودي الى تنوع في الموارد الطبيعية والمحاصيل الزراعية. فإلى “الجنوب من التندرة (سهول متجمدة وعديمة الشجر)، تكمن التايغا، وهي أكبر الغابات الصنوبرية في العالم، والتي تمتد من بحر البلطيق إلى المحيط الهادي؛ كما أن نحو 40 في المائة من مساحة سيبيريا والشرق الأقصى الروسي مغطاة بالأراضي الدائمة التجمد.”…”وفي جنوب روسيا، وبطول الطريق من السهل الهنغاري في الغرب، وعبر أوكرانيا، وشمال القوقاز، وآسيا الوسطى إلى أقصى منشوريا، تقع السهوب، وهي أوسع الأراضي العشبية في العالم، أو <<الطريق العشبي العظيم>>، على حد تعبير الباحث في الشؤون الروسية، دبليو بروس لنكولن”[14].
وكما ادت جاذبية فراء الحيوانات إلى جلب أوائل المستكشفين إلى هذا الجانب الجليدي الآخر من العالم..” حضروا مرة اخرى “من اجل الموارد الطبيعية: النفط، والغاز الطبيعي، الفحم، الحديد، والذهب، والنحاس، والغرافيت، والألمنيوم، والنيكل، ومجموعة كبيرة من المعادن والفلزات الأخرى، وكذلك الطاقة الكهربائية المولدة بواسطة أنهار سيبيريا.”[15]
وتتعدد الانهار والمجاري المائية في روسيا وتصل مساحات واسعة فيها. “وللمجاري المائية أهمية خاصة في النقل والتجارة وفي الري وتوليد القوى الكهربية، ويقوم نهر الفولجا في روسيا الاتحادية بالوظائف الثلاث”[16].
روسيا هي ثالث أكبر منتج للكهرباء في العالم، وخامس أكبر منتج للكهرباء المتجددة، والسبب أن إنتاج الطاقة الكهرمائية متطور في البلاد، إذ يضم الجزء الآسيوي من روسيا، عدّة محطات للطاقة الكهرمائية، لكن هناك مصادر هائلة من الطاقة الكهرمائية في سيبيريا، والشرق الأقصى الروسي، لا تزال غير مستغلة بشكل كبير.[17]
ونتيجة لهذا التنوع وهذه المساحة، تنتج حقول النفط في سيبريا الغربية أكثر من نصف إنتاج روسيا من النفط، وهناك حقول أخرى في منطقة الفولغا والأورال وشمالي القوقاز وحوض تيمان بشورا.
وهي قوة عظمى في مجال الطاقة. يوجد في البلاد الاحتياطات الأكبر من الغاز الطبيعي في العالم، وثامن أكبر احتياطي من النفط في العالم، وثاني أكبر احتياط من الفحم.
توجد في روسيا مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، اذ قدرت للأراضي المزروعة في روسيا بحوالي 1,237,294 كيلومتر مربع في عام 2005، كرابع أكبر دولة في العالم. وتعتبر روسيا نتيجة لذلك ثالث أكبر مصدر للحبوب بعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.[18]
- ومن نقاط القوة التي توفرها المساحة للدولة الروسية؛ زيادة القدرة على بناء قوة عسكرية وتدعيمها. اذ تمثل روسيا الاتحادية ثاني قوة عسكرية عظمى بعد الولايات المتحدة. وكما سبق معنا القول تعتبر المساحة اساساً من أسس القوة العسكرية. حيث توفر المساحة كثرةً وتنوعاً في الموارد الاقتصادية، والتي تساعد في بناء وتدعيم القوة العسكرية من التكنولوجيا والقوة المادية العسكرية والتي تشمل اسلحة مختلفة. والمؤن التي كما تحقق الرخاء أيام السلم فأنها توفر القدرة على الدفاع وتدعيم القوات ايام الحرب. اي تدعيم ما يعرف بالقدرة الدفاعية وتدعيم الاستمرارية الهجومية. تلعب الموارد التي توفرها المساحة الشاسعة لروسيا الاتحادية وتحديد المعادن وموارد الطاقة دوراً حاسما في الصناعات العسكرية المحلية. “فالإنتاج الصناعي مؤشرا للتقدم على المستوى العالمي لأن النمو الصناعي للدول دليلاً على قوة الدول” انفقت روسيا حوالي 72 مليار دولار على التسلح في عام 2011[19]. “وهناك بعض الصناعات الاستراتيجية التي تعطي للدولة أهمية خاصة وهذه يمن اجمالها في ست صناعات وهي صهر المعادن وتنقيبها، الصناعات الهندسية كصناعة الطائرات والسيارات والالكترونيات والصناعات الكيماوية بما فيها صناعة المتفجرات والصواريخ النووية والأسمدة والاسمنت والأجهزة الكهربائية ثم صناعة المنسوجات والصناعات الغذائية.”[20] وتعتبر روسيا حالياً رابع أكبر منتج للطاقة النووية عالميا[21].وتعتبر الصناعات العسكرية الروسية واحدة من ابرز الصناعات التي تتميز بها روسيا اذ “استخدم بوتن عائدات الطاقة لزيادة الميزانية العسكرية أربعة أضعاف، وخصوصاً القوات الجوية، خلال أول سبع سنوات له في منصبه، كما استمرت الميزانية العسكرية في الارتفاع منذ ذلك الحين.”[22]
اضافة الا ان هذه الموارد – والتي توفرها المساحة- تساعد كثيرا في تحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي الذي تحتاجه الدولة في ايام السلم كما في الحرب والحصار الاقتصادي وحالات فرض العقوبات كما حدث مؤخرا.
ومن جانب اخر فإلى جانب الموارد تحتج القوة العسكرية الى الافراد كجزء لا يمكن الاستغناء عنه رغم التطور الذي حدث في التكنولوجيا العسكرية. ومن هنا فإن مساحة اكبر تعني – في الغالب – عدد من السكان اكبر ومن ثم كتلة بشرية قابلة للتجنيد (مع مراعات عوامل اخرى بكل تأكيد، كالفئة العمرية مثلاً).اذ أنها تاسع أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم بأكثر من 143 مليون نسمة.[23] ويبلغ عدد افراد القوات المسلحة الروسية بعدد 2,019,629 فرد، ويشمل ذلك 1,134,800 فردا من العسكريينأن القوات النشطة في الجيش الروسي يبلغ عددها حوالي 1,040,000 فرد، بينما قوات الاحتياط هي في نطاق 2,035,000 فرد .ولدت الماحة الهائلة والشاسعة لروسيا نوعا من التنوع الثقافي والعرقي والديني في روسيا إيجابيات كما له سلبيات. في هذه الفقرة اناقش إيجابيات هذا العنصر. يشكل السكان ذوي الأصول الروسية 79.8٪ من سكان البلاد الذين ينتمون إلى 160 مجموعة عرقية مختلفة تتحدث نحو 100 لغة.
الديانات التقليدية في روسيا المسيحية الأرثوذكسية، الإسلام، البوذية واليهودية، اضافة الى اللادينيين والذين يتراوح عددهم بين 16-48٪ من السكان.[24]
وتَمازُج الثقافتين السلافية والبيزنطية شكلتا معًا ملامح الثقافة الروسية. كما أن هنالك تشكيلة متنوعة من القوميات كما سلف القول تبلغ 160 عرقية. منها الشيشان والإنغوش، والأوسيتيين، والداغستانيين، والأبخاز، والجورجيين، والكاختيين، والأرمن، والأدربيجانيين والقوقاز والقوزاق وغيرهم.[25]
كل هذا ولد نوع من التنوع الثقافي والفكري والاثراء الحضاري للدولة الروسية. وهو جانب ايجابي عادة ما يخلقه التنوع الممزوج بروح التفاهم والتجانس بين القوميات والاعراق والاديان المختلفة.
كانت مساحة روسيا الممتدة على طول موقعها الاستراتيجي الذي جعلها ذات اهمية في كتابات الجغرافيين والسياسيين والعسكريين وعلماء الجغرافيا السياسية. (امثال ماكيندر ماهان وسبيكمان وحتى الالماني هوسهوفر). لتشكل ربط بين قارتين وثقافات مكانية وزمانية مختلفة شرق اسيا وجنوبها واوروبا والشرق الاوسط.
نقاط الضعف التي تحدثها المساحة على الدولة الروسية:
- كبر المساحة مع قلة السكان وهو من ابرز العيوب التي تضيفها المساحة على قوة الدولة الروسية من عدة جوانب. فعلى الرغم من ان روسيا تعتبر تاسع أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم بأكثر من 143 مليون نسمة. الا ان هذه النسبة مع مساحة روسيا المقرة بحوالي 17,124,442 كيلومتر مربع، (أي انها تغطي نسبة 8/1 من مساحة الأرض المأهولة بالسكان في العالم. وهي تقريبًا ضعف مساحة كندا ثاني دولة من حيث المساحة)، تعتبر قليلة للغاية وغير كافية لاستغلال كل تلك المساحة. مما يؤدي الى ضعف استغلال الموارد التي تتيحها المساحة كما سلف لنا القول. مما تطلب من الدولة الروسية استقدام العمالة الصينية الى سيبيريا من اجل صيد السمك والزراعة واستخراج المعادن ويتقدر الدراسات ان نسبتهم سوف تبلغ حوالي 10 مليون في العام 2050[26].
ورغم التقديرات الحالية عن تراجع التعداد السكاني للبلاد، فإن من المتوقع أن تشهد روسيا نمواً في تعداد السكان عام 2030، وحتى ذلك الحين، فإن العاملة الوافدة والمهاجرين يمكن أن يشكلوا دعامة ذلك النمو الاقتصادي المتوقع.
رغم ما يترتب على ذلك من زيادة في القوميات الروسية التي تشكلها تلك العملة. وهو ما يؤثر سلباً في عملية التجانس المجتمعي الروسي. اضافة الى ذلك تضل هذه العملة مرتبطة بالدول التي جاءت منها وهو ما يؤثر الى حد ما في الولاء الوطني لتلك الاقليات المهاجرة الى روسيا. اذ “تخلق الهجرة بعض المشكلات السياسية التي ترتبط بعلاقة المهاجرين بالسكان الوطنيين حيث تظهر المنازعات لأسباب عرقية أو دينية مما يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي في الدولة المستقبلية للمهاجرين وخلق أزمات سياسية نتيجة لهذا التباين مع الدول الأخرى”[27].
كما ان كبر المساحة مع قلة عدد السكان يشكل عبئ فيما يتعلق بحماية الدولة واجزاءها من العدوان الخارجي او من محاولات الانفصال. ما يدفع الدولة الروسية لزيادة الانفاق العسكري وهو ما يؤثر سلباً على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والحياتية الاخرى. “لا سيما أن سكانها القليلين آخذين في التناقص بسرعة. وفي الواقع، وبسبب انخفاض معدلات المواليد وارتفاع معدلات الوفيات، وزيادة معدلات الإجهاض، وانخفاض معدلات المواليد وارتفاع معدلات الوفيات، وزيادة معدلات الإجهاض، وانخفاض وتيرة الهجرة، فإن سكان روسيا البالغ عددهم 143 مليونا قد ينخفض إلى 111 مليوناً بحلول 2050 (مما يسرع هذه المعدلات، نجد المستويات السامة لتلوث المياه والتربة، كجزء من تدهور بيئي عام).”[28]
- التباعد بين المدن. اذ يؤثر على الاتصال والتواصل بين اجزاء البلاد. حيث تستغرق رحلة بالقطار بين موسكو في الغرب وميناء فلاديفستوك في الشرق سبعة أيام. وهو ما يؤثر اولا على التجانس السكاني وثانياً على الترابط السياسي بين هذه المناطق مما يجعلها عرضة للتجزئة والانفصال مما يستدعي كما سلف القول زيادة في الانفاق العسكري.
ومن هنا اصبحت المساحة الشاسعة تخلق صعوبة في التواصل بين اجزاء الدولة الاتحادية ومدنها، مما يعتبر عاملا مجزئ للدولة الى حد ما. ويضعف من الشعور بالتكامل بين السكان ويضعف شعورهم بالانتماء القومي بعض الشيء.
وتمثل المواصلات الداخلية الشرايين الرئيسية لربط أقاليم الدولة ببعضها البعض، مما يلعب دورا في تماسك وحدة الدولة وتنشيط التبادل التجاري فضلا عن دورها العسكري الذي يتجلى فيما يعرف بالطرق الاستراتيجية.
وقد واجت روسيا الاتحادية صعوبة جما فيما يتعلق بشبكة المواصلات الداخلية نتيجة لكبر مساحتها. وجعل شبكة الطرق المتخلفة ورداءة المناخ وكبر مساحة الدولة، من نقل الشاحنات وسيلة غير فاعلة وباهظة التكاليف، مما أدى إلى انخفاض نصيبها إلى 5٪ من جملة البضائع المنقولة. أما نصيب النقل النهري، فهو أقل من ذلك نظرا لتجمد معظم الأنهار معظم شهور السنة. وتلعب القنوات، مثل قناة الفولجا، الدون، وقناة موسكو، دورا مهما في حركة النقل النهري. وتقوم الخطوط الجوية الروسية، إيروفلوت، بنقل المسافرين بين المدن الروسية وبين روسيا والدول الأخرى.
- تخلق المساحة تعدد في دول الجوار. وان كانت روسيا تأخذ عظمتها – الى جانب عوامل اخرى- من صغر مساحة جيرانها، الا ان تعدد الجيران يجعل روسيا عرض للصراعات الحدودية والحروب ويجعل من دول الجوار الضعيفة على الاقل نقطة للاختراق الامريكي ومنطلقاً لتهديد الامن القومي الروسي.
واذا كان “طول الحدود البرية عاملاً خطراً يهدد الدول”[29]، فان المساحة الروسية قد خلقت هذه الحدود الطويلة لتتشاركها مع بيلاروسيا (روسيا البيضاء)، لاتفيا، إستونيا، والنرويج، ويقع إقليم كاليننغراد الروسي بين ليتوانيا وبولندا. الصين، منغوليا، كازاخستان، أذربيجان، جورجيا بينما تجاورها من أقصى الجنوب الشرقي كوريا الشمالية. وتتشارك حدود بحرية مع كل من الصين وفنلندا واليابان والهند. ما جعلها تخوض حروباً وتغذي صراعات كما سعت لترغيب وجذب دول اخرى. وسيتضح كل ذلك لاحقاً حال الحديث عن تأثير المساحة على السياسة الخارجية الروسية.
- الى جانب التنوع الحضاري والاثراء الثقافي الذي يوفره التنوع الاثنوجرافي الا ان ما يجلبه هذا التنوع من ضعف على الدولة في غالب الاحيان لا يمكن تجاهله. فكما سلف معنا القول؛ السلالة والقومية والدين واللغة يتنوعان في الخريطة الروسية. وهي عناصر يعتمد عليها التجانس السكاني. وتمثل روسيا في التجانس الاثنوجرافي “تكوين مركب يشبه تكوين العناصر الني لم تمتزج مع بعضها البعض وكل منها يحتفظ بشخصية مستقلة بل وولائه القومي. ومن ثم كان هذا التكوين مصدر ضعف للدولة”[30].
السلالة: يشكل السكان ذوي الأصول الروسية 79.8٪ من سكان البلاد الذين ينتمون إلى 160 مجموعة عرقية مختلفة
اللغة: المجموعات العرقية فيها تتحدث نحو 100 لغة.
الدين: الديانات التقليدية في روسيا المسيحية الأرثوذكسية، الإسلام، البوذية واليهودية، اضافة الى اللادينيين والذين يتراوح عددهم بين 16-48٪ من السكان.
القومية: على غرار القومية الواحدة فإن الامة الروسية تتكون من قوميات متعددة تحمل اهداف قومية روسية واحدة الى حد ما الا ان غياب العامل الموحد القيصر واحلامه التوسعية والشيوعية واحلامها الوردية، يضعف الحافز القومي الذي يربط تلك القوميات في امه واحدة. ولذا “فإن روسيا بعد حرمانها من الحكم القيصري، والشيوعية، تتطلب مالاً سامياً وموحداً يتجاوز الجغرافيا..” لتوحيد الشعوب التي في حلقتها وتضعف الميول الانفصالية.
وكما سبق وحدث إثر انهيار الاتحاد السوفيتي إذ كانت على حد تعبير كابلان: “إمبراطورية جامدة من الشعوب الخاضعة”…”فبمجرد أن أعلن غورباتشوف نفسه أن المبادئ الايديولوجية التي قامت عليها الامبراطورية كانت معيبة للغاية، بدأ النظام بأكمله ينهار مع انفصال الأجزاء الهامشية عن المركز الروسي”[31].
كما ان تعدد الاقليات في التكوين المركب لروسيا الاتحادية يجعل القوى المعادية تحاول استغلالها لتفكيك الجبهة الداخلية وبالتالي اضاف الدولة، هذا فضلا عن الصراع الذي تقوم به القوميات المختلفة وبالتالي يضعف من التلاحم القومي.
- وعلى رغم من ان روسيا تضم تشكيلة من والبحيرات، التي تحتوي ما يقرب من ربع المياه العذبة في العالم. الا ان هذه البحيرات متجمدة اغلب شهور السنة. وهو ما يضف نقطة القوة هذه ويجعلها عامل ضعف. فكون المساحة الشاسعة قد وفرت بحيرات عديدة وانهار لدولة الروسية الا ان عامل الموقع قد حد من تلك الخاصية وأضعف فاعليتها.
تطل روسيا من الشرق بحر بيرنغ وبحر أخوتسك وبحر اليابان (وهذه البحار الثلاثة تتفرع من المحيط الهادئ). ومن الغرب خليج فنلندا. ومن الشمال بحر بارنتس بحر كارا، بحر لابتيف، بحر شرق سيبريا، وبحر تشوكوتكا (وجميع هذه البحار تتفرع من المحيط المتجمد الشمالي). ومن الجنوب البحر الاسود.
اما البحيرات
- تأثير المناخ في التوزيع غير المنتظم للسكان، اذ “ان هناك علاقة بين التوزيع الجغرافي للسكان بالدولة وقوتها السياسية، وأنه كلما كان السكان ينتشرون بانتظام في جميع أرجاء الدولة مع وجود مركز ثقل واحد لهم يتمثل في مركز العاصمة كان ذلك أفضل من الناحية السياسية لسهولة سيطرة الدولة على جميع أجزاء البلاد من هذا المركز. وتمتعها بدرجة من الوحدة الداخلية أكثر من الدولة التي بها أكثر من مركز”[32].
وبالنسبة لروسيا الاتحادية فنتيجة لشدة البرودة والذي لا يشجع على السكنى، اضافة الى كبر المساحة مع قلة السكان تصبح اجزاء واسعة منها شبه غير مأهولة بالسكان. فكما يؤثر ذلك على قدرة الدولة على حماية كل اجزاءها من اي عدوان خارجي او محاولة انفصالية داخلية، يؤثر ايضا على قدرتها على استغلال الموارد. مما يؤثر على قوة روسيا في السباق الاقتصادي الذي تتصدره الولايات المتحدة والصين والاتحاد الاوروبي.
ويتوزع التركيز السكاني في روسيا بشكل سلبي اذ أن الكثافة السكانية في روسيا تبلغ 8.4 نسمة لكل كيلومتر مربع (22 لكل ميل مربع)، مما يجعلها واحدة من أقل الدول كثافة سكانية في العالم ويرجع إلى حجم البلاد الكبير. هناك مفارقة ان السكان يتركزون في الجزء الأورروبي من البلاد مع أن الجزر الآسيوي أكبر حجما، يتركز السكان حول موسكو وسان بطرسبرغ، 74 ٪ من السكان يعيشون في المناطق الحضرية.[33]
وتتجه روسيا لتطبيق قانون جديد يمنح أرضاً مساحتها فدانان ونصف لأي مواطن مستعد للانتقال إلى مساحة ضخمة مطلة على المحيط الهادئ أو على حدود روسيا مع الصين.[34]
- قلل التطور التكنولوجي من الاهمية الاستراتيجية لعامل المساحة في الصراعات العسكرية. مما حد من اهميته والدور الذي يلعبه في ساحات الصراع.
تأثير المساحة على السياسة الخارجية الروسية:
إن المساحة وما تخلقه من حدود طويلة وشاسعة وما يتبع ذلك من صعوبة حمايتها عسكرياً وكذا. تعدد الجيران المترتبين على طول الحدود والذي بدورة يخلق مشاكل متنوعة من صراع على الحدود وعلى مناطق النفوذ والموارد الى الخوف على الامن القومي ومحاولة الاختراق لتغذية جماعات ارهابية ونزعات انفصالية والصراع على المرات المائية. وقضايا الهجرة وطرق التجارة وخطوط انابيب النفط والغاز. كل هذه القضايا التي تولدها المساحة المترامية الاطراف كما سبق واوضحنا تحدد سياسة الدولة الروسية في تعاملاتها الخارجية على الساحة الدولية. وقد جعلت المساحة مع الموقع روسيا محل لمحاولات الغزو المختلفة مراراً وتكرارا. الا ان المساحة والموقع وعوامل اخرى كانت هي ايضا من يدافع عن روسيا في مواجهة الغزاة منذ إمارة كييف روس والتي شهدت حقبتها سقوط مُعظم الأراضي الروسية في أيدي الغزو المغولي عامَ 1223. ولذا فإن سياسات روسيا الخارجية الخائفة على امنها هي سيدة الموقف ووليدة التجارب التاريخية للإنسان الروسي. وهذا ما سيتضح معنا هنا.
- السياسية الخارجية والصراعات الحدودية:
كما سبق القول فإن المساحة الروسية قد جعلتها مجاورة لعدد كبير من الدول بحدود برية واخرى بحرية، ومن ثم ولد لها قلقاً اولا يتمخض في حماية هذه الحدود من الجيران وثم محاولة التمدد على حساب الجيران ايضا في مراحل مختلفة من عمر الدولة الروسية بغرض تامين مصالح الدولة الروسية وتحقيق اهداف سياستها الخارجية. هذا الصراع الحدودي ومناطق النفوذ الحدودية، له امثلة متعددة ومختلفة تمثل في الحرب اليابانية – الروسية عام 1904-1905. والتي اندلعت لأسباب منها بشكل جزئي “مطالبة اليابان أن تعترف روسيا بالسيادة الصينية على مشوريا وكذلك بحرية اليابان في التدخل في كوريا، وهو ما رفضه الروس”[35]، واتجهت خلالها السياسة الروسية لاستخدام القوة من اجل الحفاظ على مناطق نفوذها وعلى حدودها التي تلتقي في اقصى الجنوب الشرقي مع كوريا الشمالية.
والتمدد الروسي من اسيا الوسطى إلى اوروبا الغربية في حقبة الاتحاد السوفيتي والتي كانت ووقعت تحت الاخوة الامية والاهداف السامية التي اعلنتها ثورة 1917 الروسية الا ان الحقيقة الجيوسياسية تخبرنا ان الأمن الروسي والقوة الروسية كانت تتطلب هذا التمدد. لتامين حدودها او ما يسمى “المنطقة المركزية” من الاخطار التي أثبتها التاريخ. كما ستصبح رغبة في تحقيق تنبؤات ماكيندر لاحقاً. “وفي الواقع أن ضعف روسيا الحالي في اوراسيا قد جعل الجغرافيا نفسها تمثل هاجساً روسيا في مطلع القرن العشرين”[36].
اذ وحتى وقت قريب وجدت قواعد عسكرية امريكية في جمهورية أوزبكستان في قاعدة كارشي خان آباد الجوية، وجمهورية قيرغيزيا في قاعدة ماناس في مطار بيشكيك.[37]
“وقد أقامت الولايات المتحدة الامريكية علاقات أمنية واقتصادية مع بعض دول شرق آسيا الوسطى وبالتنسيق مع حلف الناتو، فبعض هذه الدول أعضاء في برنامج الناتو للمشاركة من أجل السلام، وضم هذا البرنامج كلاً من تركمانستان، وقرغيزستان، أوزبكستان، كازاخستان، وطاجيكستان. ومنذ العام 1996 بدأت دول آسيا الوسطى في الدخول في تدريبات على مكافحة الارهاب وحفظ السلام”.
“كما عملت الولايات المتحدة على خلق منظمة (5+2) في آسيا الوسطى كبديل لمنظمة شنغهاي والتي – اي منظمة (5+2) – تضم بالإضافة الى أوزبكستان، طاجيكستان، وقرغيزستان، كازاخستان، تركمانستان، كلا من أفغانستان وباكستان كي تضغط على كل من الصين وروسيا”[38]
الصراعات الحدودية الروسية الصينية سواء عام 1929 حول منشوريا وخطوط السكك الحديدية. او قبل ذلك في عام 1860 والتي اجبرت خلالها الصين على نقل 350 ألف ميل مربع من الأراضي من السيادة الصينية إلى تلك الروسية، مما شكل الحدود الحالية بين البلدين.[39]
وجاءت الحرب الكورية والتي تمخضت عن انتهاء الحرب العالمية الثانية. لتثبت النفوذ الروسي على حدودها الجنوبية وتامين نفسها ضد الامريكان وبعد ان استسلمت اليابان امام العملاق الامريكي وأصبح على مقربه من الحدود الجنوبية الشرقية لروسيا.
ولنفس الاسباب واخرى ايضاً احتلت روسيا افغانستان واندلعت الحرب الجورجية والحرب الاكرانية وضم القرم. تأمين الحدود هو هاجس روسيا الاساسي والكبير. “وأيا كان من يحكم روسيا، فينبغي عليه مواجهة حقيقة وجود مساحات شاسعة من الأراضي المسطحة على نحو مأساوي، والتي تفضي إلى الدول المجاورة في عدة اتجاهات”[40].
اذا في ما يتعلق بالصراع على اكرانيا يرى د.كابلان ان بوتن لم يحرف تركيزه على اكرانيا كجزء من جهد أكبر لإعادة إنشاء منطقة نفوذ في الجوار القريب يمثل دليلا على رغبته في توطيد علاقة روسيا بأوروبا، وإن كان ذلك بشروط غير ديمقراطية. ويرى ايضاً ان استقلال اكرانيا ذاته يبقي روسيا إلى حد كبير بعيدة عن أوروبا. ولكن عند وقوع اكرانيا مرة أخرى تحت السيطرة الروسية، فستضيف روسيا 46 مليون نسمة إلى تركيبتها الديمغرافية الموجهة إلى الغرب، ويمكنها فجأة أن تتحدى أوروبا، حتى على الرغم من اندماجها فيها. ويرى كابلان ايضا ان هذا الصراع في اكرانيا هو حلقة في مسلسل الصراع بين روسيا وأوروبا، خصوصاً بين روسيا وألمانيا وفرنسا، سيستمر، كما كانت الحال منذ الحروب النابليونية، حيث سيظل مصير دول مثل بولندا ورومانيا بانتظار الحسم. لقد انهارت الشيوعية، لكن الأوروبيين لا يزالون في حاجة إلى الغاز الطبيعي من روسيا، والذي يأتي 80 في المائة منه عن طريق أكرانيا.[41]
- الطموحات التوسعية لروسيا:
يرى د.كابلان ان روسيا وبعد حرمانها من الحكم القيصري، والشيوعية، تتطلب مثالاً ساميا وموحداً يتجاوز الجغرافيا إذا كان لها أن تنجح في إعادة اجتذاب الشعوب التي كانت خاضعة لها في السابق. وكما نتج عن الحرب العالمية الثانية انشاء قوة المنطقة المركزية التي وصفها ماكيندر على هئية روسيا السوفيتية، جنبا الى جنب مع القوة البحرية العظمى التي تصورها ماهان وسبيكمان، متمثلة في الولايات المتحدة. عادة من جديد بعد سقوط الاتحاد السوفيتي الى السطح كفكرة جامعة جديدة اذ زفي “نمط ماكندري جديد” أعلن الزعيم الشيوعي من الحرس القديم جبنادي زيوغانوف أنه ينبغي على روسيا أن تستعيد السيطرة على المنطقة المركزية. “ان المواجهات بين موسكو وواشنطن في جوهرها تنافس جيوسياسي على موارد القوة والسيطرة على المجال الحيوي في شرق اوروبا، ومن ثم قلب العالم، كما تصوغه النظريات الأساسية في علم الجيوبوليتيك: إن لفظتي “شرق” و”غرب” يشيران بوضوح إلى أن الصراع لم يكن مؤدلجاً في جوهره، وإنما هو لعبة جيوبوليتيك في نهاية المطاف”[42].
ويجادل ديمتري ترينين، مدير مركز كارينغي في موسكو، بأنه في القرن الحادي والعشرين، فإن قوة الجذب تتغلب على قوة الاكراه وبالتالي يجب ان تكون القوة الناعمة محورية في السياسة الخارجية الروسية.[43]
وهذا ما تسير عليه السياسة الخارجية الروسية على الاقل فيما يتعلق بدول اسيا الوسطى. عن طريق مشاركتها مع الصين في تأسيس ما يعرف بمنظمة شنغهاي للتعاون. والتي تسعى اول ما تسعى الى تعزيز سياسات الثقة المتبادلة وحسن الجوار وتطوير التعاون في مختلف المجالات بين الدول الاعضاء وكذا توفير الامن والاستقرار في المنطقة، وفي نفس الوقت ايضا جسرا لرفع روسيا الى الاعلى لملاقاة الولايات المتحدة او جرها الى أسفل. والبحث عن نظام دولي جديد يلغي احادية القطبية التي تولدت مع انهيار الاتحاد السوفيتي 1991.
وبهذه المنظمة تأمن روسا حدودها تعيد لم المنطقة المركزية بطرق ابعد عن الصراع الذي لا يجد له مكان في القرن الواحد والعشرين.
الا ان اي تهديد يقترب من المصالح الروسية لن تتوانى روسيا في استخدام كل ثقلها وقوتها بما في ذلك القوة العسكرية كما حدث في اكرانيا وقبل ذلك في جورجيا.
وعلى الرغم من ان بوتن ليس إمبرياليا بالمعنى الدقيق للكلمة، فإن آخر امبراطورية روسية قيد التشكل يجري بناءها على ثروة الموارد الطبيعية الهائلة (التي يولدها عامل المساحة) لدى روسيا، والتي تجد حاجة ماسة إليها في المحيط الأوروبي والصين، مع كل الارباح والإكراه التي ينطوي عليها ذلك. لم يكن لدى بوتن أي افكار نهضوية لطرحها، ولا أيديولوجية من أي نوع، في الواقع: فالعامل الوحيد الذي يعمل لمصلحته هو الجغرافيا وحدها، وهذا لا يكفي.[44]
- البحث عن المنافذ البحرية:
نتيجة لمساحة روسيا فأنها تحضى كما سبق وذكرنا بعدد لا باس به من البحيرات والانهار الا انها متجمدة اغلب شهور السنة ولذا تسعى روسيا في سياستها الخارجية الى البحث عن منافذ تساعدها في الوصول المياه الدافئة وتكسر بذلك “الحظر الجغرافي الطبيعي” عليها والذي جعلها قوة برية فقط. وسندرس هذه المسالة في حالتين، هما القرم وسوريا.
اولاً: القرم
تعتبر القرم من مصادر الاستقرار الاستراتيجي والاقتصادي الروسي، فمن ناحية الاستراتيجية تعتبر القرم نقطة انطلاق للوصول الى البحر الابيض المتوسط بسهولة أكبر. وهي ايضاً مقر الاسطول الروسي في منطقة البحر الأسود. مما يعطي روسيا حيوية أكبر في تحديد مسارات التجارة الدولية هناك، مع احتياطيات من النفط والغاز مما يضمن لروسيا استمرارية اليد العليا في مجال الطاقة في المنطقة وشرق اوروبا بشكل عام. ولذا فان المساحة والموقع مع المناخ شديد البرودة قد لعبا لعبتهما في جعل القرم ضرورة لخدمة السياسات الروسية على الساحة الدولية ولذا تصرفت روسيا اثر الاطاحة بالرئيس الاكراني المولي لها وتدخلت في شرق اكرانيا ومن ثم الدفع نحو ضم القرم اليها.
ثانياً: سوريا
ويبدو ان الوصول الى المياه الدافئة من ركائز ومسلمات السياسة الخارجية الروسية فكما في القرم يبدو ان دعم موسكو اللانهائي للنظام السوري له دوافع تتعلق بمياه البحر الابيض المتوسط والاهمية الجيواستراتيجية للمنطقة ايضاً.
وكما دخلت روسيا القيصرية في حروب مع الفرس من اجل الوصول الى المحيط الهادي وحروب مع الترك من اجل الوصول الى البحر المتوسط، لا تخشى روسيا الدخول في حرب من اجل تامين والوصول الى المياه الدافئة والتخلص من لعنة الجغرافيا. ولذا تعتبر قاعدة طرطوس نقطة انطلاق وتموين للأسطول الروسي للتوجه إلى خليج عدن، المحيط الهندي، المحيط الاطلسي، وبالتالي تسهل من تحركاته في حماية طرق التجارة البحرية الدولية. والاستعداد لأي حرب قادمة لحماية مصالحها.
- البحث عن منافذ لتصدير الصناعات العسكرية والطاقة:
كما ان المساحة قد منحت روسيا – كما سلف الذكر- كم من الوارد المتنوعة وعلى راسها المعادن المختلفة مصادر الطاقة وهو ما مكنها من جعل الصناعات العسكرية الروسية أبرز مصادر الدخل القومي الروسي، وقد مثلت سوريا خامس مستورد للأسلحة الروسية، والتي تشكل ثلث عتاد الجيش السوري. ولذا تتحرك روسيا الاتحادية في سياساتها الخارجية من باب حماية مصالحها حين تعلن وقوفها مع النظام السوري الموالي لها. ولا تتوقف المصالح الروسية في سوريا عند أمور التسلح، واستثماراتها بقيمة 4 مليار دولار، وانما تصل إلى استثمارات في مجالات الطاقة والنفط والتكنولوجيا، وباستثمارات تصل إلى 20 مليار دولار عام 2010.[45]
- العلاقات مع دولة العمالة والمهاجرين (الصين):
ولدت المساحة الشاسعة مع قلة السكان عبى على الدولة الروسية فيما يتعلق بالانتشار السكاني واستغلال الموارد المتاحة مما ولد ظاهرة العمالة المهاجرة من الصين الى سيبيريا من اجل صيد السمك والزراعة واستخراج المعادن والذين سيبلغ عددهم في عام 2050 حوالي 10 مليون. وهو رقم ليس بهين يجعل هذه العمالة تصبح من الاقليات الجديدة في روسيا ويضع محددات جيدة للعلاقات الروسية الصينية تقوم على المشاركة، ولكن مع قليل من الحذر. اذ يرى كثير من المحللين الروس ان الخطر الحقيقي الذي يتهدد روسيا يأتي من الولايات المتحدة والصين. فحتى لو حاول الطرفين الروسي والصيني أن يخفيا قضاياهما الخلافية الحدودية او الخوف الروسي من التصاعد المستمر للعملاق الصيني والمليارات التي يضخها في اسيا الوسطى والتي اسست الصين فيها خماسية شنغهاي قبل ان تصبح شنغهاي للتعاون لاحقاً. ان التأمل الروسي في سياساته الخارجية مع الصين ترتبط بجانب تعاون اقتصادي اولاً (حتمي ولدته المساحة التي تمتد فيها الحدود على طول الحدود الشمالية للصين) والتعاون العسكري والسياسي في مواجهة القطب الواحد الذي يمسك بزمام النظام الدولي وحلفائه الاوروبيين. كما سعت روسيا الى تعزيز تعلاقاتها ايضاً مع جمهورية الصين الشعبية من خلال التوقيع على معاهدة الصداقة فضلا عن بناء خط أنابيب النفط العابرة لسيبيريا الموجه نحو سد الاحتياجات المتزايدة في مجال الطاقة الصيني.
- العقوبات وتصدير الطاقة:
على اثر الخلاف مع روسيا حول اكرانيا (التي اوجدتها الحقيقة الجغرافية والمساحة الشاسعة للدولة الروسية كما سلف القول) فرضت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي حزم من العقوبات الاقتصادية على روسيا والتي اثرت بشكل او باخر على الاقتصاد الروسي رغم “اعتراض بعض الشركات الأوروبية، وخاصة ألمانيا، على سياسات العقوبات الاقتصادية الأوروبية بحق موسكو؛ إذ تمتلك هذه الشركات حصصاً وأفرعاً في السوق الروسية، مما يجعل العقوبات الاقتصادية ذات تأثير سلبي مباشر على تنافسها وأرباحها في روسيا.[46] اذا لا يزال الاوربيين بحاجه إلى الغاز الطبيعي من روسيا، والذي يأتي 80 في المائة منه عن طريق أوكرانيا[47].
أن صادرات روسيا النفطية ارتفعت خلال النصف الأول من عام 2016 إلى 5.55 مليون برميل يوميا، أي بنسبة 4.9٪ مقارنة مع نفس الفترة من عام 2015.
وفي شهر يونيو/حزيران الماضي، رفعت روسيا من إنتاجها للنفط الخام بنسبة 1.14٪ ليصل إلى 10.843 مليون برميل يوميا، كما أظهرت بيانات وزارة الطاقة الروسية، أن إنتاج الخام يتزايد باستمرار كل شهر، منذ يوليو/تموز 2014.
ووفقا لـ”فيستي”، ففي حال استمر إنتاج النفط الروسي بالاستقرار حتى نهاية العام الجاري، فإن 2016 سيكون عاما قياسيا من حيث التصدير.[49]
وصدرت روسيا كميات قياسية من الغاز الى اوروبا وتركيا العام 2016 بلغ حجمها 179.3 مليار متر مكعب وذلك رغم رغبة الاتحاد الاوروبي في التخلص من التبعية للمحروقات الروسية. بحسب ما اعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة العامة الاثنين. وشهد حجم هذه الصادرات زيادة بنسبة 12.5 بالمئة اي 19.9 مليار متر مكعب مقارنة بالعام 2015 بحسب الشركة التي تحتكر التصدير عبر الانابيب. وكانت غازبروم قدرت نهاية كانون الاول/ديسمبر انها غطت نحو ثلث استهلاك القارة الاميركية في 2016 وهي حصة غير مسبوقة من السوق. ويفسر الخبراء ارتفاع الصادرات الروسية من الغاز الى اوروبا بانخفاض درجات الحرارة نهاية 2016 وتراجع اسعار النفط التي ترتبط بها عقود غازبروم وايضا بتراجع الانتاج الاوروبي.[50]
وأدت العقوبات الاقتصادية الى اتجاه روسيا نحو التعاون مع كل من تركيا وإيران في تشكيل خطوط جديدة عبر البحر الاسود.
ان الأوروبيين يدركون ان العقوبات الاقتصادية ستحمل الضرر لهم لتضعهم امام التساؤل: كيف تستطيع أوروبا وأمريكا معاقبة روسيا على أخطائها الاخيرة والتي اصبحت غير مقبولة بدون الالحاق الضرر بدولها؟، كما قال أحد المسؤولين الأوروبيين مؤخراً: “إلحـــاق الأذى بروسيا اقتصادياً سيحمل معــه بعض الألم لاقتصاداتنا أيضاً، ولكـــن الضغوط الاقتصادية الشديدة هي اللغة الوحيدة التي تفهمها روسيا”[51]
الخاتمة:
كما كانت المساحة لعنة للدولة الروسية كانت رحمة لها. وحين مثلت بمساحتها وما تحتويه من موارد وخيرات مطمعاً للغزاة كانت ايضا هي بجغرافيتها (مساحة ومناخ وتضاريس.. الخ) رادعا لهم ومحطمة لطموحاتهم، بل محفزاً للروس نحو الازدياد من تلك المساحة. تظهر الجغرافيا والتاريخ أننا لا نستطيع أبدا أن نستبعد روسيا من حساباتنا، وبالتالي فإن انبعاث روسيا من جديد في عصرنا الحالي بعد تفكك الإمبراطورية السوفيتية ليس إلا جزء من قصة قديمة.
قائمة المراجع:
- خديجة أحمد علي الهيصمي، الجغرافيا كمحدد للسياسة الخارجية اليمنية: دراسة تطبيقية على سياسة اليمن في منطقة البحر الأحمر 1989-1981، كلية الاقتصاد والعلوم السياسة – جامعة القاهرة، 1997، رسالة دكتورة
- إي إتش غومبريش، مختصر تاريخ العالم، ترجمة: ابتهال الخطيب، عالم المعرفة، (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والنون والآدب، ع: 400، مايو 2013)
- روبرت د.كابلان، انتقام الجغرافيا، ما الذي تخبرنا به الخرائط عن الصراعات المقبلة وعن الحرب ضد المصير، ترجمة: إيهاب عبدالرحيم علي، عالم المعرفة، (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآدب، ع:420، يناير 2015م)
- محمد محمود ابراهيم الديب، الجغرافيا السياسية، منظور معاصر، (القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1988)
- عبدالحق دحان، التحالف الشرقي المقبل: منظمة شنغهاي للتعاون والتوجّه نحو العالمية، سياسات عربية، (ع:12، يناير2015)
- إسلام أحمد، جيوبوليتيك روسيا وسياستها الخارجية: استمرارية بلا انقطاع، (مركز إدراك للدراسات والاستشارة، يونيو2016)، على الرابط: www.idraksy.net
- روسيا اليوم، صادرات روسيا النفطية تسجل رقما قياسيا، نشر في:12/2/2016م 10:42PM على الرابط https://arabic.rt.com/news/830722-صادرات-روسيا-النفطية-تسجل-رقما-قياسيا/
- شبكة المنار، صادرات قياسية من الغاز الروسي الى اوروبا العام 2016، نشر في:22/8/2016م 10:30PM على الرابط: http://www.almanar.com.lb/1320724
- العربية، العقوبات الاقتصادية وأثرها على قطاع الطاقة الروسي، نشر في 12/8/2014م 5:33AM، على الرابط:http://www.alarabiya.net/ar/aswaq/2014/08/12 /العقوبات-الاقتصادية-وأثرها-على-قطاع-الطاقة-الروسي.html
- روسيا اليوم، السكان في روسيا، نشر في: 12/12/2011م على الرابط: https://arabic.rt.com/tags/population_russia
- The huffington post، لهذا السبب تتجه موسكو إلى حافة الهاوية.. هل تكون مساحة روسيا الضخمة سبباً في انهيارها؟، نشر في: 18:32 17/09/2016 AST على الرابط: http://www.huffpostarabi.com/2016/09/17/story_n_12062234.ht
- موقع من هنا لهناك، الديانات والسكان في روسيا، نشر في: 14:13، 22-10-2015م على الرابط: http://www.ru4arab.ru/cp/eng.php?id=20050312132844&art=20050312150246
- Richard Norton-Taylor. “Russia overtakes UK and France in global arms spending league table | World news” ، على الرابط: theguardian.com
- Russia takes the third place in the world by grain exports على الرابط: http://www.rosbankjournal.ru/news/11588
- Library of Congress. “Topography and drainage ، موقع مكتبة الكونجرس، على الرابط: http://countrystudies.us/russia/23.htm
[1] Library of Congress. “Topography and drainage ، موقع مكتبة الكونجرس، على الرابط: http://countrystudies.us/russia/23.htm
[2] راجع: إسلام أحمد، جيوبوليتيك روسيا وسياستها الخارجية: استمرارية بلا انقطاع، (مركز إدراك للدراسات والاستشارة، يونيو2016)، ص: 4، على الرابط: www.idraksy.net.
* https://www.google.com/url?sa=i&rct=j&q=&esrc=s&source=imgres&cd=&ved=&url=http%3A%2F%2Fwww.mn9h.com%2Fup%2Fdo.php%3Fimg%3D2868&psig=AFQjCNGr7jIgDYpIksGht4Zo7hjVhEqabQ&ust=1489387720653857
[3] خديجة أحمد علي الهيصمي، الجغرافيا كمحدد للسياسة الخارجية اليمنية: دراسة تطبيقية على سياسة اليمن في منطقة البحر الأحمر 1989-1981، كلية الاقتصاد والعلوم السياسة – جامعة القاهرة، 1997، رسالة دكتورة، ص: 36
[4] محمد محمود ابراهيم الديب، الجغرافيا السياسية، منظور معاصر، (القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1988)، ص190-192
[5] خديجة الهيصمي، مرجع سابق، ص: 37
[6] المرجع السابق، ص: 37
[7] إي إتش غومبريش، مختصر تاريخ العالم، ترجمة: ابتهال الخطيب، عالم المعرفة، (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والنون والآدب، ع: 400، مايو 2013)، ص: 289-290
[8] روبرت د.كابلان، انتقام الجغرافيا، مالذي تخبرنا به الخرائط عن الصراعات المقبلة وعن الحرب ضد المصير، ترجمة: إيهاب عبدالرحيم علي، عالم المعرفة، (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآدب، ع:420، يناير 2015م)، ص: 202-203
[9] المرجع السابق، ص:210
[10] المرجع السابق، ص: 189، بتصرف
[11] إسلام أحمد، مرجع سابق، ص: 8، على الرابط: www.idraksy.net
[12] المرجع السابق، ص: 9
[13] Library of Congress. “Topography and drainage ، موقع مكتبة الكونجرس،
على الرابط: http://countrystudies.us/russia/23.htm
[14] روبرت د.كابلان، انتقام الجغرافيا، مالذي تخبرنا به الخرائط عن الصراعات المقبلة وعن الحرب ضد المصير، ترجمة: إيهاب عبدالرحيم علي، عالم المعرفة، (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآدب، ع:420، يناير 2015م)، ص: 194-195
[15] المرجع السابق، ص:207
[16] خديجة الهيصمي، مرجع سابق، ص: 43
[17] روبرت د.كابلان، مرجع سابق، ص: 217
[18] Russia takes the third place in the world by grain exports
على الرابط: http://www.rosbankjournal.ru/news/11588
[19] Richard Norton-Taylor. “Russia overtakes UK and France in global arms spending league table | World news“
على الرابط: theguardian.com
[20] خديجة الهيصمي، مرجع سابق، ص: 64-65
[21] روبرت د.كابلان، مرجع سابق، ص: 188،201
[22] المرجع السابق، ص:217
[23] روسيا اليوم، السكان في روسيا، نشر في: 12/12/2011م على الرابط: https://arabic.rt.com/tags/population_russia/
[24] موقع من هنا لهناك، الديانات والسكان في روسيا، نشر في: 14:13، 22-10-2015م على الرابط: http://www.ru4arab.ru/cp/eng.php?id=20050312132844&art=20050312150246
[25] روبرت د.كابلان، مرجع سابق، ص: 188
[26] The huffington post، لهذا السبب تتجه موسكو إلى حافة الهاوية.. هل تكون مساحة روسيا الضخمة سبباً في انهيارها؟، نشر في:: 18:32 17/09/2016 AST على الرابط: http://www.huffpostarabi.com/2016/09/17/story_n_12062234.ht
[27] الهيصمي، مرجع سابق، ص: 48
[28] روبرت د.كابلان، مرجع سابق، ص:214
[29] المرجع السابق، ص: 34
[30] خديجة الهيصمي، مرجع سابق، ص: 52
[31] روبرت د.كابلان، مرجع سابق، ص:211
[32] خديجة الهيصمي، مرجع سابق، ص:51
[33] روسيا اليوم، السكان في روسيا، نشر في: 12/12/2011م على الرابط: https://arabic.rt.com/tags/population_russia/
[34] The huffington post، مرجع سابق، نشر في: 30/2/2017م ، على الرابط: http://www.huffpostarabi.com/2016/09/17/story_n_12062234.html
[35] روبرت د.كابلان، مرجع سابق، ص:208
[36] المرجع السابق، ص: 213
[37] عبدالحق دحان، التحالف الشرقي المقبل: منظمة شنغهاي للتعاون والتوجّه نحو العالمية، سياسات عربية، (ع:12، يناير2015)، ص:98 بتصرف.
[38] المرجع السابق، ص: 100
[39] روبرت د.كابلان، مرجع سابق، ص208،210، بتصرف
[40] المرجع السابق، ص: 209
[41] المرجع السابق، ص218 بتصرف
[42] إسلام أحمد، مرجع سابق، ص: 11
[43] المرجع السابق، ص: 212،215
[44] روبرت د.كابلان، مرجع سابق، ص:217، بتصرف
[45] إسلام أحمد، مرجع سابق، ص:13-14، بتصرف
[46] إسلام أحمد، مرجع سابق، ص: 10، بتصرف
[47] روبرت د.كابلان، مرجع سابق، ص:218 بتصرف
[48] إسلام أحمد، مرجع سابق، ص:10
[49] روسيا اليوم، صادرات روسيا النفطية تسجل رقما قياسيا، نشر في:12/2/2016م 10:42PM، على الرابط https://arabic.rt.com/news/830722-صادرات-روسيا-النفطية-تسجل-رقما-قياسيا/
[50] شبكة المنار، صادرات قياسية من الغاز الروسي الى اوروبا العام 2016، نشر في:22/8/2016م 10:30PM، على الرابط: http://www.almanar.com.lb/1320724
[51] العربية، العقوبات الاقتصادية وأثرها على قطاع الطاقة الروسي، نشر في 12/8/2014م 5:33AM، على الرابط:http://www.alarabiya.net/ar/aswaq/2014/08/12 /العقوبات-الاقتصادية-وأثرها-على-قطاع-الطاقة-الروسي.html