لماذا نقرأ الإصلاح أو الثورة؟

غالبًا ما يتم تجاهل كتاب روزا لوكسمبورغ القصير «الإصلاح أو الثورة» هذه الأيام، لصالح كتابها الأكثر شهرة، «الإضراب الجماهيري». ويظهر كتاب «الإصلاح أو الثورة»، والذي كتبته في أواخر العشرينيات من عمرها، مدى كون لوكسمبورغ ماركسية فطنة، وحدة جدالها.

لماذا نقرأ اصلاح او ثورة - صورة روزا لوكسمبورغ

غالبًا ما يتم تجاهل كتاب روزا لوكسمبورغ القصير «الإصلاح أو الثورة» هذه الأيام، لصالح كتابها الأكثر شهرة، «الإضراب الجماهيري». ويظهر كتاب «الإصلاح أو الثورة»، والذي كتبته في أواخر العشرينيات من عمرها، مدى كون لوكسمبورغ ماركسية فطنة، وحدة جدالها.

ويعتبر الكتاب رد على سلسلة من المقالات كما هو أيضاً رد على كتاب من تأليف إدوارد برنشتاين. وقد كان برنشتاين شخصية مهمة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني (SPD) الذي تنتمي إليه لوكسمبورغ أيضًا. ولطالما دافع برنشتاين عن التحرك بعيدًا عن الأفكار المتجسدة في الماركسية الكلاسيكية.

فيما جادلت لوكسمبورغ بأن «مفهومه -أي برنشتاين- لمسيرة التنمية الاقتصادية لا يتوافق مع النظرية الماركسية لفائض القيمة. ولذلك، يتخلى برنشتاين عن نظرية القيمة وفائض القيمة، وبهذه الطريقة، يتخلى عن النظام الاقتصادي لكارل ماركس».

وفي الواقع، فقد جادلت لوكسمبورغ بأن برنشتاين قد تصادم مع الفكر الماركسي بأسره – رغم أن هذه كانت الصخرة التي بني عليها الحزب الاشتراكي الديمقراطي وتأسس عليها الحزب الاشتراكي الديمقراطي كمنظمة ثورية معلنة. وكان أعضائها البارزون في أواخر القرن التاسع عشر قريبين من ماركس وإنجلز، لكن العديد منهم يظهرون الآن قطيعة مع هذا التقليد.

وكما يوحي الاقتباس أعلاه، فقد أسقط برنشتاين أو شكك في سلسلة من الأفكار الماركسية الرئيسية. وعلى وجه الخصوص، كان يلمح إلى أن التحول الثوري للمجتمع لم يعد مطلوبًا لأن الرأسمالية لديها القدرة على حل تناقضاتها.

وقد اشتهر ما نقلته روزا لوكسمبورغ عن برنشتاين: «الهدف النهائي، بغض النظر عن ماهيته، ليس شيئًا. الحركة هي كل شيء». اذ رأى برنشتاين أن الحركة الاشتراكية والمنظمات العمالية، مثل النقابات العمالية، ليست أسلحة لتعزيز النضال من أجل الاشتراكية، ولكن كأدوات لترويض الرأسمالية.

يتألق غضب لوكسمبورغ من خيانة برنشتاين للحركة. ومع ذلك، فإن كتاباتها لم تكن أبدًا جدلية ببساطة، بل هي إعادة صياغة واضحة للحجج الماركسية الأساسية، وهي محاولة جزئية لتثقيف وكسب عمال جدد للحركة الثورية. كما يؤكد هذا إقصائها النهائي لبرنشتاين:

«ليست ظلاً لفكرة أصلية! ليست هناك فكرة واحدة لم تدحضها الماركسية أو تسحقها أو تتحول إلى غبار قبل عدة عقود!».

«يظهر برنشتاين كأداة غير واعية محددة سلفًا، تعبر بواسطتها الطبقة العاملة الصاعدة عن ضعفها اللحظي، لكنها، عند الفحص الدقيق، تتجاهلها بازدراء واعتزاز».

وهذه قطعة رائعة من الجدل. إذ من الواضح أن لوكسمبورغ كانت تعتقد أنه يجب تحدي برنشتاين وأولئك الذين احتشدوا حوله، لكنها كانت تعتقد أيضًا وبوضوح أن مشكلة الإصلاحية، أو الانتهازية كما وصفتها، هي مجرد مشكلة أيديولوجية. وبعد هزيمتها من خلال إعادة تأكيد الماركسية، كانت تأمل أن يتلاشى الإصلاحيون وأن يواصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي السير على الطريق الصحيح.

ولسوء الحظ، ما لم يكن واضحًا بالنسبة لها هو مدى امتلاك الإصلاحية لقاعدة مادية حقيقية داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي. فبعد الانتقال من عدم الشرعية إلى التنظيم القانوني، أنشأ الحزب الاشتراكي الديمقراطي منظمة هائلة تضم مئات الصحف ونوادي العمال وآلاف العاملين بدوام كامل. فالمنظمة -كما ألمح الاقتباس من برنشتاين أعلاه- أصبحت غاية في حد ذاتها.

أما النشاط الثوري الذي تحدى الدولة والرأسماليين فقد عرّض كل هذا للخطر. وكما كتب الماركسي البريطاني دنكان هالاس ذات مرة، «كان لديهم الكثير ليخسروه عدا قيودهم».

تعمق العفن.. أو كما توضح لوكسمبورغ بالتفصيل عددًا من الأمثلة على الطريقة التي تعامل بها الحزب، في بعض المناطق، مع النظام الرأسمالي. كان هذا، بالكاد بعد عقدين من نشر الكتاب، ليبلغ ذروته مع استسلام قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكامل للدولة الرأسمالية عند دعم الحرب العالمية الأولى.

وفي أعقاب تلك الخيانة، تُركت لوكسمبورغ وعدد قليل من الثوار الألمان بمفردهم تقريبًا لمحاولة إعادة بناء المنظمة الثورية في خضم الحرب العالمية. وكان عدم وجود حزب اشتراكي ثوري جماهيري مستقل أحد العوامل الرئيسية في فشل الثورة الألمانية التي اندلعت في نهاية الحرب.

ليس من السهل قراءة الإصلاح أو الثورة لأنه يحتوي على العديد من المراجع المعاصرة، وعلى الرغم من أن دوني جلوكشتاين يقدم مقدمة مفيدة تضع العمل في سياقه ولديها العديد من التعليقات الختامية المفيدة.

صورة كتاب إصلاح أو ثورة-روزا_لوكسمبورغ
نسخة عربية لكتاب إصلاح أو ثورة

ومع ذلك، يبقى السؤال الذي تطرحه لوكسمبورغ مهمًا. إنها الحجة الأساسية حول كيفية تحدي الرأسمالية. وتبدو المنظمات الإصلاحية اليوم مفلسة. وحزب العمال في المملكة المتحدة هو ظل لما كان عليه في السابق. فيما تظل الأفكار الإصلاحية هي السائدة في رؤوس العمال.

تعد إعادة قراءة جدال لوكسمبورغ أداة مفيدة لنا جميعًا حيث ننخرط في المناقشات التي تجري اليوم في كل مكان عمل وكلية حول أفضل السبل لتحدي الرأسمالية. فدعوة لوكسمبورغ الواضحة للثورة تخاطب الملايين اليوم.


هذا المقال مترجم عن : Socialist Worker


احرص على أن يصلك جديد عن طريق الاشتراك في قناتنا

على التلغرام

أحدث المقالات

  • تاريخ العلوم السياسية

    تاريخ العلوم السياسية

  • وهم الثراء 

    وهم الثراء 

  • لماذا يجب أن نثقف أنفسنا؟

    لماذا يجب أن نثقف أنفسنا؟

  • إدانة العربي في الأدب الصهيوني.. كيف افترى سميلانسكي على العرب؟

    إدانة العربي في الأدب الصهيوني.. كيف افترى سميلانسكي على العرب؟

  • ملخص كتاب رأس المال (2)

    ملخص كتاب رأس المال (2)