الأداء السياسي للاتحاد الأوروبي
كان أداء الاتحاد الأوروبي أشبه بحلقة مفرغة لم تكتمل صورتها، فمن قرارات الاتحاد الأوروبي وسلوك الأعضاء وأخذ أهداف الاتحاد كمقياس يقاس عليه الأداء، سنضع افتراضات من خلال بعض النقاط والتي سنعتبرها محاور رئيسية يقاس عليها، وكيف يتناول الاتحاد الأوروبي قضايا اتسمت بالعالمية؟
«لقد تحولت الشراكة بعد الحرب الباردة إلى منافسة ومد نفوذ، وقد عمل الاتحاد الأوروبي على تطوير علاقات وبناء علاقات جديدة مع دول إقليم الكاريبي وإفريقية ودول المحيط الهادي ودول البحر المتوسط، ونظر إلى الاتحاد الأوروبي على أنه قوة تنموية عظمى تتفوق على أمريكا في مجال التنمية، فلو قيس رد الفعل الأوروبي تجاه الصراعات في المنطقة مقابل رد الفعل الأمريكي تجاه تلك الصراعات فإنه (الاتحاد الأوروبي) لا ينخرط انخراطًا جماعيًا، فتشتد حدته وتقل، أما أمريكا فالساحة مفتوحة للتدخل، لذلك فإن الولايات المتحدة قد تشترك مع الاتحاد الأوروبي في الأداة الناعمة لحل الصراعات أما الأداة الصلبة للاتحاد الأوروبي فإنه ينظر إليها أنها شريك غير مفيد»[1].
«وتمثل المفوضية الأوروبية الجهاز المخول بصنع السياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي، وهي الرقيب على المعاهدات وقد أعطت معاهدة روما المفوضية الحق في المبادرة في التشريع واقتراح مشاريع القوانين على البرلمان. ولأنّ موارد الاتحاد الأوروبي تتمثل في ما يأخذه الاتحاد من الضرائب، وعلى عكس كثير من المنظمات؛ فإن ذلك هو ما يمنع دول الاتحاد من لي ذراع الاتحاد بحسب مساهماتها ويعطي الاتحاد الأوروبي استقلالية في سياساتها وقرارتها»[2].
وسيكون لدينا محاور لقياس أداء الاتحاد الأوروبي من خلالها، تبدأ من داخل نطاق أوروبا وتنتهي في الشرق الأوسط.
1- الأداء السياسي للاتحاد الأوربي داخل أوروبا:
إن الاتحاد الأوروبي هو مجموعة من الدول عملت على الاتحاد فيما بينها من أجل أن تتبادل المصالح، وتعمل على تطوير ذاتها وتوجد لها كيانًا موحدًا، تستطيع من خلاله مواجهة أي قوة خارجية، وبالرغم من ذلك، فقد ظلت هناك قضايا داخل أوروبا لم يستطع الاتحاد أن يثبت فيها وجوده، مع أنها ضمن نطاق صلاحياته ومن هذه القضايا:
الأداء السياسي الأوروبي تجاه الحرب الروسية الجورجية :
اتصف أداء الاتحاد الأوروبي بالجمود النسبي تجاه قضايا خارجية، وحتى القضايا الداخلية على المستوى الأوروبي، ومن ضمن تلك القضايا الصراع في يوغسلافيا في تسعينات القرن الماضي، إذ توقعت الولايات المتحدة أن يتدخل الاتحاد لكنه لم يتدخل، ومن قضايا الصراع التي عكست ردود الفعل الأوروبي قضية الحرب الروسية الجورجية.
كان الموقف الأوروبي من الحرب الروسية الجورجية موقفًا ضعيفًا، ولم يقدم الاتحاد الأوروبي آنذاك أي شيء لجورجيا، بل على العكس قام ساركوزي رئيس الاتحاد الأوروبي آنذاك بهندسة عودة العلاقات مع روسيا كما كانت، ودون أي تفاوض مع الناتو والذي حظر العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين لدعم جهود الاتحاد الأوروبي في فرض وقف إطلاق النار، وكان ذلك بالتزامن مع تصعيد النزاع في القوقاز، وعقد خلالها الاتحاد الأوروبي اتفاقية مع روسيا لأجل تزويده بطائرات مروحية لدعم الحملة الأوروبية في تشاد، وأدى خلاف الثلاثة الكبار ( فرنسا وألمانيا من جهة وبريطانيا والأعضاء الجدد من جهة أخرى) إلى تعطيل أداء الاتحاد الأوروبي في الرد على الغزو الأمريكي للعراق عام (2003م )؛ نتيجة الخلافات البينية بين الدول الأعضاء[3].
الأداء السياسي للاتحاد تجاه روسيا وأوكرانيا:
انتهج الاتحاد الأوروبي كثيرًا من السياسات، حتى في الجانب النزاعي، فمثلًا، قضية أوكرانيا وروسيا، كان دعم روسيا للانفصالين في أوكرانيا له أثره السلبي، حيث لجأ الاتحاد الأوروبي إلى انتهاج سياسة العقوبات ضد روسيا، وقد تمثلت العقوبات الأوروبية على روسيا في توسيع قائمة تجميد الأصول، وحظر السفر على المسؤولين ورجال الأعمال، وعلى أن تشمل العقوبات الأوروبية الجديدة على روسيا كل من يدعمون ماديًا الأعمال التي تقوض أو تهدد سيادة أوكرانيا وسلامة استقلال أراضيها، والحظر لن يكون للأصول والحسابات المصرفية فحسب، بل والموارد الاقتصادية مثل العقارات، وبالرغم من أن العقوبات طالت قيادات كبيرة وجينيرالات روس، ومنعوا من السفر مع احترام من يحملون الحصانة الدبلوماسية، كان هناك تباين داخل الاتحاد الأوروبي نفسه، فقد وجهت انتقادات كبيرة لفرنسا بسبب بيعها حاملتي مروحيات من نوع “مستيرال ” إلى روسيا؛ ونتيجة لتلك الانتقادات قالت فرنسا بأنها قد تتوقف عن تسليم السفينة الثانية، لكن ذلك يعتمد على موقف موسكو إزاء الوضع في أوكرانيا، وبالرغم من العقوبات التي تفرض على روسيا ومحاولة الضغط عليها، إلا أن الغرب لا يسعى أن يجعل من روسيا منبوذة، أضف إلى ذلك أنهم بحاجة إلى روسيا لحل قضايا أقليمية، مثل إيران وكوريا الشمالية، وأيضا فالاتحاد الأوروبي تربطه علاقة وثيقة مع روسيا في الجانب الاقتصادي، وهي علاقة أقوى من تلك التي تربط الاتحاد الأوروبي بالولايات المتحدة الأمريكية .[4]
ولأن هناك ربما شبه أزمة تفكك وشرذمة يعاني منها الاتحاد الأوروبي، فمثلا تعارض ألمانيا وبقوة زيادة العقوبات على روسيا، وذلك بسبب أن تلك العقوبات تؤثر على مستوى صادرات ألمانيا، وتباين المصالح الفردية وتعارضها مع المصالح الجماعية، الذي بدوره يؤدي إلى صراع بداخل الاتحاد نفسه، والنفط الروسي، والذي تحصل ألمانيا منه على (30%)، وهولندا وأيطاليا تعتمدان وبشكل كبير عليه، وكذلك معدل التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي وروسيا[5].
سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه القضايا الحقوقية:
لقد حرص الاتحاد الأوروبي على الحقوق الإنسانية وأكد منذ أن بدأ مشواره على حماية تلك الحقوق واحترامها، وأنه مقياس التعاون والشرط الأول لتبادل العلاقات مع الاتحاد، ومن أهم المبادئ التي أكد عليها :
– عدم التمييز ونبذ التعصب:
بالرغم من مساعي أوروبا إلى القضاء على كل أشكال التمييز، إلا أن تقريرًا واستطلاعًا كشف عن أقلية الروم التي تعاني العزلة والبطالة وانخفاض مستويات التخرج من المدارس الثانوية، وقد أعلنت المفوضية أنها تراقب عملية الإخلاء القسري والطرد لأبناء الروم المنحدرين من أوروبا الشرقية.
وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي في سياساته يركز على الجوانب الإنسانية والحقوق والحريات وتعزيز الديمقراطية، وينظر إلى احترام حقوق الإنسان، إلا أن تقارير كثيرة كشفت عن خرقٍ لكثير من الدول في الاتحاد الأوروبي تجاه تلك المواضيع الحقوقية، وهو ما جعل الاتحاد الأوروبي يناقش تلك المسائل داخليًا، فإيطاليا وألمانيا ورومانيا والمملكة المتحدة وأسبانيا وبولندا وهولندا والمجر واليونان، وكلها كانت وما زالت تقوم بتجاوزات كبيرة في هذا الصدد وهو ما يجعل الاتحاد نفسه متأرجح السياسة حيال هذه القضايا[6].
لقد كانت وسيلة الاتحاد الأوروبي لنشر الديمقراطية مرتبطة بالبعدين السياسي والاقتصادي، فقد انتهجت أوروبا سياسة معينة لنشر الديمقراطية عن طريق الحوافز الاقتصادية والسياسية لتحقيق إنجازات محددة على صعيد الديمقراطية والحرية، لقد ربطت أوروبا بين الحوافز الاقتصادية والأهداف السياسية واستغلال شبكة التعاون والتنمية في دعوتها لنشر الديمقراطية، وهو ما تجسد في إعلان برشلونة التي تطورت لاحقًا؛ الاتحاد من أجل المتوسط. ومن ضمن السياسات الخارجية التي يتبعها الاتحاد الأوروبي أن من بين شروط التعامل مع الدول والتفاعل أن تحترم تلك الوحدة الدولية حقوق الإنسان وأن تشارك في كافة الأنشطة الدولية، وعدم دعم الإرهاب، وإقرار مساعي السلام بين إسرائيل وفلسطين[7][8].
2 – الأداء السياسي للاتحاد الأوروبي خارج أوروبا:
ومن المعايير التي سنعتبرها درجة في قياس أداء الاتحاد الأوروبي وتوضيح دور أوروبا على مستوى العالم، وإبراز مكانة أوروبا في المجتمع الدولي ومدى قدرتها على التأثير، والذي يتجسد في دور الاتحاد وأدائه تجاه قضايا الصراع، خصوصا منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت ساحة لصراع القوى العظمى ومحاولة مد النفوذ والسيطرة من قبل تلك القوى:
– الأداء السياسي تجاه الشرق الأوسط:
عملت أوروبا بعد انتهاء الحرب الباردة على استعادة نفوذها السابق في الشرق الأوسط، وفي هذا الإطار طرحت في عام(1994م ) فكرة إنشاء بنك أوروبي بالشرق الأوسط ليساهم في تنمية العلاقات الاقتصادية الأوروبية، لكن لم تطبق هذه الفكرة ولم تصل مساعي الاتحاد الأوروبي للحصول على نصيب في إدارة الشرق الأوسط إلى نتيجة. ولم يكن أمام الاتحاد الأوروبي إلا أن يعمل على تنمية علاقاته الثنائية مع أي دولة من دول الشرق الأوسط، غير أن الولايات المتحدة، ونتيجة سيطرتها على نظم المنطقة؛ استطاعت بسهولة أن تحول دون ذلك.[9]
والسياسة الأوروبية للجوار في عام 2003م كانت تعمل على دعم دول الجوار المحيطة بها؛ من أجل عملية الاستقرار والأمن والازدهار، وخلال 12 عامًا حصلت تغيرات جذرية في عدد كبير من البلدان المحيطة بالاتحاد الأوروبي، إلا أن الأحداث والمجريات من الانتفاضات العربية والصراعات وظهور داعش وتصاعد التطرف والإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان والتحديات الأخرى التي واجهت القانون الدولي، وانتهاك روسيا لسيادة أوكرانيا واستقلالها وسلامة أراضيها، وما خلفته تلك الصراعات من لاجئين، وكذلك حاجة أوروبا التي تتزايد إلى الطاقة، والأعمال الإرهابية التي طالت باريس، كل ذلك ألجأ الاتحاد الأوروبي إلى بناء شراكات أكثر فاعلية في الجوار، والتي ركز فيها على مصالحه التي تتضمن تعزيز القيم العالمية، ويرتكز استقرار الاتحاد الأوروبي نفسه على الديمقراطية وحقوق الإنسان وحكم القانون والانفتاح الاقتصادي، لذلك سيكون تعزيز الاستقرار لدول الجوار من أولوياتها السياسية الرئيسية خلال الولاية الحالية للمفوضية الأوروبية. وقد لا تستطيع السياسة الأوروبية مواجهة التحدي ولكنها قد توجد ظروفًا للتطور الإيجابي، وقد اقترح رئيس المفوضية جان كلود يونكر بناء على طلب الأعضاء في الاتحاد أكثر من 250 مساهمة، والذي يؤكد فيها ضرورة التغيير في السياسة الأوروبية للجوار.
وسوف يركز الاتحاد الأوروبي على مسائل كثيرة لتعزيز حكم الشعب الديمقراطي والقابل للمساءلة و الحكم الرشيد ودعم الإصلاح القضائي، ويبرز التزام مشترك بحكم القانون، ويولي الاتحاد الأوروبي اهتماما أكبر بأمن الطاقة والعمل على مسائل المناخ، وسوف يتم التركيز على الأمن والحد من النزاعات وسياسة مكافحة الإرهاب والتطرف، وأيضا سيعمل على معالجة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وتهريبهم، والتي ستكون من أولوياته، وسوف تسعى السياسة الأوروبية الجديدة مع الجوار إلى اعتماد الأدوات والموارد المتوفرة بشكل أكثر تلاؤما ومرونة ومشاركة أكبر من الدول الأعضاء في الاتحاد، وعلى المستوى الإقليمي سيتم تعزيز الشراكة الشرقية بما يتماشى مع الالتزامات التي حددتها قمة ريغا في عام 2015م، ويمكن أن يؤدي الاتحاد من أجل المتوسط دورا معززا في دعم التعاون بين بلدان الجوار الجنوبي وسوف تسعى السياسة الأوروبية للجوار لمواجهة التحديات، ولأن الاتحاد الأوروبي يدرك أن عدم الاستقرار هو عبارة عن محصلة أزمات كالفقر وعدم المساواة والشعور بالظلم والفساد والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الضعيفة لذلك تتبع السياسة الأوروبية جهودًا حثيثة. وبما أن الاتحاد الأوروبي يستخدم الحوافز من أجل الإصلاحات مع تلك الدول الشريكة له والمجاورة له، إلا أنه ثبت بأنها غير مجدية أو غير كافية، لذلك سينظر في طرق أكثر فاعلية لدعم الإصلاحات الأساسية مع الشركاء، ولكي يطبق الاتحاد سياسته يجب أن يكون أكثر نفوذا.
وفي الجانب الأمني ركز الاتحاد الأوروبي على مسائل الإرهاب والحد من التطرف ومنع الجرائم الخطرة والمنظمة والفساد عبر الحدود والتهديدات التي تأتي عبر الحدود، حيث إنه سوف يعزز من الوصول إلى سلطات البلدان الشريكة المسؤولة عن المسائل المرتبطة بالأمن ودعمها في إصلاح أمنها المدني والعسكري. ومن أجل أن تكون سياسة الاتحاد الأوروبي أكثر فاعلية عملت على مرونة الأدوات المالية لها، حيث خصصت موارد كبيرة لدعم التحدي الرئيسي المتمثل بترسيخ الاستقرار في الجوار ووفرت خلالها 15 مليار يورو، وعززت من التواصل الدبلوماسي مع دول الجوار.[10]
كانت الشراكة بين الدول المتوسطة وأوروبا فيما عرف بـ أورومتوسطية؛ لأن تلك الدول كانت ضمن منطقة النفوذ الأوروبية بأسواقها ومواردها الأولية وبالنسبة لأوروبا فالشراكة تعني مصالحًا مشتركة بين الطرفين، وتعني توسيع الدعم المالي للدول النامية من أجل مساعدتها على تجاوز الأزمات والانضمام والاندماج في الاقتصاد العالمي.
وقد ضم مؤتمر برشلونة 1995م جميع الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مع 12 دولة من شرق وجنوب المتوسط ومنها 8 دول عربية هي الأردن – سوريا – لبنان – فلسطين – تونس – الجزائر -المغرب.
وقد تمثل إعلان برشلونة عدة محاور للتعاون منها: المحور السياسي والأمني، واعتبر تحقيق السلام والاستقرار والأمن في منطقة البحر المتوسط يجب أن يكون هو الأساس لأي تعاون، وأن يتم تسوية الخلافات البينية بالطرق السلمية. وعدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة واحترام حقوق الشعوب والمساواة وتقرير المصير وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وترسيخ قيم الحرية والديمقراطية، وأن يكون هناك حوار سياسي منتظم للإعلام عن الخطر في حال وجد وتحديد مصدره وإجهاضه وابتكار صيغ ملائمة لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، والحد من سباق التسلح ومكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات والجريمة في المنطقة، أما المحور الاقتصادي والمالي تمثلت سياساته في الجانب الاقتصادي، إلا أن إعلان برشلونة حدد عدة آليات وأهداف أهمها إنشاء منظمة تجارية حرة.
لقد تمثلت السياسة الأوروبية للجوار في شرق أوروبا وجنوب المتوسط والتي تقوم على ثلاثة مبادئ سياسية تفضيلية وإقامة فضاء الرفاه وحسن الجوار وإقامة علاقات واسعة وسلمية على أساس التعاون، وقد نفذ الاتحاد تلك السياسية على ما أسماه مخططات العمل ذات طابع ثنائي تخص الاتحاد والدول الشريكة لهم، وقد هدفت السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إلى اعتماد حوار سياسي مدعم بالسياسية الخارجية الأمنية والوقاية من الأزمات وإداراتها والوقاية من التهديدات المشتركة كالإرهاب وسلطة الدمار الشامل وإشراك شركاء الاتحاد الأوروبي في بعض مظاهر السياسة الدفاعية.
لقد تمثلت السياسة الخارجية الأوروبية والتي بادر بها الاتحاد الأوروبي تجاه دول الجوار إلى مرحلة ما بعد توسيع الاتحاد إلى دول وسط وشرق أوروبا، وقد تعلق جواهر هذه السياسة بعروض اقتصادية وأمنية لمواجهة أربع تحديات – الديمقراطية – الاقتصاد – الطاقة – الهجرة، وبالنسبة للهجرة فقد طالبت أوروبا من دول المغرب العربي فتح مراكز عبور على أراضيها للمهاجرين غير الشرعيين؛ لتشمل كثيرًا من الدول في الشرق الأوسط[11].
ولقد توزع تركيز الاتحاد الأوروبي تجاه قضايا معينة في منطقة الشرق الأوسط، حاولت من خلالها وسعت إلى إيجاد مكانة مرموقة لها في المنطقة التي كانت ضمن مستعمراتها ومن أهم تلك الملفات:
القضية الفلسطينية في سياسة الاتحاد الأوروبي:
أما فيما يخص الأداء السياسي للاتحاد الأوروبي تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث مثل الصراع الإسرائيلي العربي فرصة لتطوير التعاون المتوسطي ففي نوفمبر 1991م انعقد مؤتمر مدريد الذي حضرته جميع الدول العربية لأول مرة عام 1993م ثم أبرم اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية[12].
الأداء السياسي للاتحاد الأوروبي تجاه الملف النووي الإيراني:
كانت إيران هي الطريق الوحيدة أمام الدول الأوروبية، والتي اعتمد عليها الأوروبيون، خاصة بعد ظهور محمد خاتمي على الساحة السياسية في عام 1997م، وإجراء إصلاحات عديدة في السياسة الخارجية من بينها مشروع حوار الحضارات والذي قوبل بترحيب شديد من جانب أوروبا وتحول الحوار النقدي الذي كانت أوروبا قد بدأته مع إيران منذ 1992م إلى حوار بناء، وكانت زيارة خاتمي لعدد من الدول الأوروبية وتوقيع عدد من الاتفاقات المهمة مع الشركات الفرنسية المخالفة للمقاطعات الأمريكية دليلا على قوة العلاقات الثنائية، وبالنظر إلى أوروبا وسعيها في أن يكون لها مزيد من النفوذ في الشرق الأوسط والتحول إلى قوة ذات نفوذ دولي قد تبنت أحيانًا سياسات منفصلة عن السياسات الأمريكية في المنطقة وخاصة حيال إيران .
لقد استغلت أوروبا هذه الفرصة والمواقف بين أمريكا وإيران كي يكون لها نفوذ في المنطقة، وخصوصا فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، لقد عملت أوروبا والتي كانت طرفًا أساسيا مع إيران في الحوارات النووية وقد عملت أن لا يصل هذ الملف إلى النهاية، إلا أنها وقعت تحت الضغط الأمريكي لاتخاذ قرار بخصوص الملف النووي الإيراني في مجلس الأمن.[13]
وقد تباينت مواقف الاتحاد الأوروبي تجاه الملف النووي الإيراني، فبعد توقيع العديد من الاتفاقيات مع فرنسا وألمانيا تقضي بالتعاون في تخصيب اليورانيوم وإنشاء العديد من المفاعلات في إيران، جاءت الثورة الإسلامية الإيرانية لتوقف المسيرة النووية الإيرانية، إلا أن الشركات الغربية لم تتوقف عن دعم إيران خصوصا الشركات الألمانية وهذا ربما ما يجعل ألمانيا من أكثر دول الاتحاد بعدًا عن السياسة الأوروبية الموحدة، وقد اعترفت أوروبا بحق إيران في استخدام التكنولوجيا النووية السلمية.
إن طموح إيران أكبر من توقعات الغرب، وبالرغم من اعتقاد الاتحاد الأوروبي أنه يمكن حل الخلاف والتوتر بين الولايات المتحدة وإيران بالحوار، فقد كان موقف الاتحاد الأوربي بالرغم من أنه يختلف عن موقف الولايات المتحدة الأمريكية في الملف النووي الإيراني، إلا أنهما اتفقا على أن لا يكون لدى إيران سلاح نووي وعلى منعها من تصنيعه[14].
لقد اعتمد الأوروبيون على الأداة الناعمة أكثر من غيرها من الأدوات، على عكس أمريكا التي تأخذ بالأدوات الصلبة، لقد اعتبر الأوروبيون أن أزمة إيران قد تحل عن طريق الحوار الممكن الذي يحث طهران على تغيير سلوكها، وخاصة على صعيد السياسة الخارجية، وسياسة الاتحاد الأوروبي المستقلة ليست معادية للسياسة الخارجية الأمريكية بل هي مكملة لها.
[1] حسين طلال مقلد، المعوقات التي تواجه العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية، المجلد 27، العدد الثالث، 2011م، ص239.[بتصويب يسير]
[2] – جون بيندرو، وسايمون اشروود، الاتحاد الأوروبي، الطبعة الأولى، 2015، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، ص 52.
[3] حسين طلال مقلد، مصدر سابق، ص 244.
[4] – BBC، ما مدى تأثير العقوبات الأوروبية والأمريكية على روسيا، WWW.BBC.COM\ARABIC\ WORLD NEWS، الأربعاء، 18\5\2016، الساعة الخامسة عصرا .
[5] – BBC ، ما مدى تاثير العقوبات الأوروبية والأمريكية على روسيا، مرجع سابق .
[6] – تقرير مشترك موجه للبرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية ولجنة المناطق–بروكسل، 18 تشرين الثاني 2015، المفوضية الأوروبية.
[7] – مقالات،www.siironline.org\alabwab\maqalat8moh ، الأربعاء، 18 – 5، الساعة السادسة مساء .
[8] محمد علي صبري، مصطفى قاسمي، البينة، wwe.albainah.net\index.aspx?funtion، الثلاثاء، 19-5، الساعة الرابعة.
[9] – محمد علي صبري، مصطفى قاسمي، البينة، مرجع سابق .
[10] – تقرير مشترك موجه للبرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية ولجنة المناطق، مرجع سابق.
[11] – جعفر عدالة، تطور سياسات دول الاتحاد الأوروبي بعد الحرب الباردة في منطقة المغرب العربي، مجلة جامعة العلوم الاجتماعية، العدد 318 ، 19 ديسمبر 2014م .
[12] – جعفر عدالة، تطور سياسات دول الاتحاد الأوروبي بعد الحرب الباردة في منطقة المغرب العربي، مرجع سابق.
[13] – محمد علي صبري، مصطفى قاسمي، البينة، wwe.albainah.net\index.aspx?funtiorn، الثلاثاء، 19-5، الساعة الرابعة عصرا.
[14] – محمد علي صبري، مصطفى قاسمي، البينة، مرجع سابق .