منظمة شنغهاي للتعاون

إن التحولات الجديدة التي نتجت عن الحرب الباردة أدت إلى بروز مفاهيم جديدة، أكدت على أهمية التنسيق والتعاون بين الدول بديلاً عن عوامل الفوضى والصراع التي هيمنت على تحليلات الواقعيين في نظرتهم للعلاقات الدولية. وتعد الظاهرة التكاملية من المواضيع الجوهرية في هذا الصدد؛ وذلك بتركيزها على شق هام من التفاعلات الدولية، وهو التعاون ويبرز التحليل…

جدول المحتويات

    أولًا: المقدمة

    إن التحولات الجديدة التي نتجت عن الحرب الباردة أدت إلى بروز مفاهيم جديدة، أكدت على أهمية التنسيق والتعاون بين الدول بديلًا عن عوامل الفوضى والصراع التي هيمنت على تحليلات الواقعيين في نظرتهم للعلاقات الدولية. وتعد الظاهرة التكاملية من المواضيع الجوهرية في هذا الصدد؛ وذلك بتركيزها على شق هام من التفاعلات الدولية، وهو التعاون. ويبرز التحليل الإقليمي للعلاقات الدولية بوصفه أحد مستويات التحليل الجديدة؛ لأنها تشكل تفاعلات متميزة وذات خصوصيات تختلف عن تفاعلات النظام الدولي. ويعد مفهوم الإقليمية الجديدة ذات البعد الاقتصادي أحد الاتجاهات المهمة في العلاقات الدولية المعاصرة، والذي تزامن مع إنشاء عدد من المنظمات الإقليمية.

    لقد نجم عن انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراط عقد المعسكر الاشتراكي بروز الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها قطبًا وحيدًا في العلاقات الدولية. وما ترتب على ذلك من سياسة الإملاء والتدخل وتجاهل الدول الأخرى؛ ما أدى إلى رفضٍ ضمنيٍ لهذا النزوع لدى أغلبية دول العالم؛ الأمر الذي أنتج نشوء تجمعات إقليمية رافضة لنزعة الهيمنة والتفرد الأمريكي. ويرى خبراء كثيرون أن منتدى شنغهاي للتعاون أصبح يمثل قطبًا ولاعبًا دوليًا جديدًا؛ إذ بات رمزًا لترسيخ تعددية الأقطاب في العلاقات الدولية؛ فقد انتقلت المنظمة من وضع التنظيم الإقليمي ذي الهدف المحدد إلى تنظيم دولي، وذلك ببلورة مواقف ورؤى وصوغها مختلفة عن الرؤية الأمريكية، وهو ما ظهر في موقفها تجاه العديد من الأزمات، كالملف النووي الإيراني، والمشكلة الكورية، والأزمة السورية، وكذا قضايا الأمن في آسيا الوسطى. كما أصبح يضم في صفوفه عضوين دائمين في مجلس الأمن (روسيا والصين) وقوى نووية (بالإضافة إلى روسيا والصين توجد الهند وباكستان بصفة مراقب). كل ذلك مؤشر على بروز منظمة شنغهاي كنواة عملية لسياسات جديدة وتحالفات قوية، تتجه إلى بناء نظام دولي جديد، تكون فيه المنظمة ركنًا أساسيًا ضمن معادلة توازن القوى الدولية.[1]

    فمتى تأسست هذه المنظمة؟ ومن من الدول تضم في كنفها وما شروط العضوية؟ وماهي أهداف ومبادئ المنظمة؟ وأي دور سياسي لعبته على الساحة الدولية؟ وماهي أبرز المعوقات والتحديات التي قابلتها؟ وإلى أي حد يمكن لمنظمة شنغهاي للتعاون أن ترسخ تعددية الأقطاب في العلاقات الدولية بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية؟ وما أثر ذلك في معادلة التوازن الدولي؟

    ثانيًا: النشأة

    تختلف دوافع إنشاء المنظمات الإقليمية باختلاف المناطق الجغرافية، فقد تكون ذات أسباب اقتصادية – سياسية، أو لأسباب أمنية جيوسياسية سببها الشعور بضرورة التكامل لمواجة التهديدات المشتركة أو نتيجة لاختراق قوي أجنبية لإقليم هذه الدول، وهو الحال بالنسبة إلى منظمة شنغهاي للتعاون.

    أدى انهيار الاتحاد السوفيتي، وانفصال الدول التي كانت في الاتحاد _ خصوصًا الدول الآسيوية _ إلى خلق العديد من المشاكل في هذه المنطقة. تمثلت هذه المشاكل في الخلافات الحدودية بين هذه الدول، وكذلك ظهور ما سمتها بــ” قوي الشر الثلاث ” المتمثلة بالإرهاب والتطرف الديني والإثني والحركات الانفصالية. وأدى هذا التفكك إلى فتح شهية الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي ” الناتو” إلى محاولة مد نفوذها على هذه المنطقة؛ مما دفع الصين وروسيا إلى تنسيق الجهود فيما بينها.

    ففي عام 1996م أخذت الصين بزمام المبادرة، بإنشاء تجمع شنغهاي/ خماسي شنغهاي، أضافت بالإضافة إليها _ أي الصين _ كلًا من روسيا، وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان. فقد أسفرت القمة (الأولى) التي كانت في مدينة شنغهاي الصينية (26- أبريل/نيسان – 1996)، إلى توقيع اتفاقية حول إجراءات الثقة في المجال العسكري، وكانت بمثابة ميلاد الخماسي.

    ولم تكن هذه المبادرة وليدة اللحظة، فقد تمخضت عن اجتماعات مطولة في عامي 1994 _ 1995م، بين لجان من الخبراء من الدول الخمس. وقد تم الاتفاق على عقد اجتماعات سنوية في إحدى عواصم الدول الخمس، فعقدت القمة الثانية في موسكو عام 1997م، إذ وقعت معاهدة تخفيض القوات المسلحة على الحدود فيما بينها، والقمة الثالثة في المآاتا بدولة كازاخستان عام 1998م، والقمة الرابعة في بشكيك عاصمة قرغيزستان عام 1999م، والقمة الخامسة كانت في دوشنبه عاصمة طاجيكستان عام 2000م، أما الاجتماع السنوي السادس الذي عقد في عام 2001م في مدينة شنغهاي الصينية، تمخض عن انضمام أوزبكستان إلى الاتفاقية، ثم أعلن زعماء الدول الست عن تأسيس منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)، في 15 حزيران 2001م.

    ثالثًا: الأهداف 

    1. تعزيز سياسات التعاون وحسن الجوار بين الدول الأعضاء.
    2. تطوير التعاون الفاعل بينها في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والعلوم والتكنولوجيا والثقافة وفي شؤون التربية والسياحة والطاقة وحماية البيئة.
    3. العمل على توفير السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
    4. العمل على تطوير الأفكار وتقديمها للوصول إلى نظام سياسي واقتصادي عالمي ديمقراطي، عادل وعقلاني متوازن.[2]
    5. إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين دول المنظمة.
    6. إقامة مشاريع مشتركة في قطاعات النفط والغاز والموارد المائية.
    7. العمل على إنشاء مصرف مشترك سيأخذ على عاتقه إصدار عملة موحدة في المستقبل.
    8. ترسيم الحدود بين الصين وروسيا من جهة، وبين بقية أعضاء المنظمة من جهة أخرى بما يعزز أمن الحدود وإجراءات بناء الثقة.
    9. السعي لتقليص النفوذ الأمريكي في القارة الآسيوية.
    10. مواجهة المخاطر التي تواجهها دول المنظمة والتي أطلق عليها تسمية (قوى الشر الثلاث) المتمثلة بالإرهاب والتطرف الديني والإثني والحركات الانفصالية.
    11. محاربة تجارة المخدرات وتهريبها عبر الحدود على وفق آلية مشتركة.
    12. التصدي لعصابات الجريمة المنظمة العابرة للحدود.

    رابعًا: العضوية

    كانت في بادئ الأمر خماسي شنغهاي في عام 1996م، التي ضمت خمس دول وهي: (روسيا، الصين، قيرغيزستان، كازخستان، طاجكستان)، وسميت بخماسي شنغهاي نسبة إلى مدينة شنغهاي الصينية التي تم الاجتماع فيها لأول مرة وتوقيع الاتفاقية الأولى فيها وبعد دخول أوزبكستان في عام 2001 أصبحت تسمى منظمة شنغهاي للتعاون[3]. أما بالنسبة للعضوية فهي مفتوحة لكل دول المنطقة التي تتعهد باحترام أهداف ومبادئ ميثاق المنظمة والامتثال لبنود المعاهدات والاتفاقات الدولية التي تعترف بها المنظمة. وتتقدم الدول الراغبة في الانضمام إلى المنظمة بطلب رسمي إلى مجلس وزراء الخارجية ويقوم مجلس وزراء الخارجية برفع الطلب إلى مجلس رؤساء الدول ويتم إثر ذلك الموافقة أو الرفض من قبل مجلس رؤساء الدول.

     أما التعليق فيتم تعليق العضوية في حالة انتهاك أحد بنود ميثاق المنظمة أو الإخفاق في تنفيذ التزامات الدولة تجاه المنظمة. ويتم تعليق العضوية من قبل مجلس رؤساء الدول بناء على طلب من قبل مجلس وزراء الخارجية. وفي حالة استمرار الدولة بعدم تنفيذ التزاماتها المقررة عليها من قبل المنظمة يضطر مجلس رؤساء الدول بطرد الدولة من المنظمة ابتداء من التاريخ الذي يقرره المجلس. كما أن لكل دولة الحق في الانسحاب من المنظمة من خلال تقديم إشعار رسمي بانسحابها من ميثاق المنظمة قبل سنة من موعد الانسحاب لكن على الدولة المنسحبة تنفيذ كافة الالتزامات التي عليها في المنظمة والاتفاقيات تحت إطار المنظمة [4].

    أما بالنسبة لدول الأعضاء المراقبين فهي الهند، باكستان، إيران، أفغانستان، منغوليا. وبالنسبة للهند وباكستان سوف يتم ترقيتهم بناء على طلب قدمته كلتا الدولتين وتمت الموافقة عليه في قمة طشقند في أوزبكستان من أعضاء مراقبين إلى أعضاء دائمين في العام المقبل 2017 [5]. وقد شاركت في الحوار كل من تركيا، وبلاروسيا، وسريلانكا. وبالنسبة لبلاروسيا فسوف يتم ترقيتها من عضو شريك في الحوار إلى عضو دائم (كامل العضوية) في العام المقبل 2017 [6]. أما الدول التي أبدت رغبة في الانضمام: أوكرانيا، العراق، مصر، سوريا والولايات المتحدة الأمريكية 2006[7].

    خامسًا: الأجهزة

    يتكون الإطار الهيكلي لمنظمة شنغهاي للتعاون من سبعة أجهزة رئيسية تتولى إدارة أعمال المنظمة على كافة الأصعدة والمجالات كالتالي:

    أولًا: مجلس رؤساء الدول الأعضاء

    يعتبر هذا المجلس الهيئة العليا في المنظمة، حيث يتكون من رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة، ويعقد هذا المجلس مرة واحدة في السنة ويتم تحديد زمان ومكان الاجتماع بين مدن الدول الأعضاء بحسب الأبجدية الروسية ويترأس اجتماع هذا المجلس رئيس الدولة المستضيفة للاجتماع:

    أما أبرز المهام التي يقوم بها هذا المجلس فتتمثل بالتالي:

    1- تحديد الأولويات الرئيسية لأنشطة المنظمة وفقًا للأهداف التي أنشئت من أجلها المنظمة.

    2- له الحق في استحداث أجهزة جديدة في هيكل المنظمة وفقًا لما تفرضه التطورات المحيطة بالمنظمة.

    3- مناقشة القضايا الدولية في المنطقة.

    4- يحدد الترتيب الداخلي للمنظمة وكيفية تعامل الأجهزة الداخلية في المنظمة مع الدول والمنظمات الدولية الأخرى.

    5- البت في طلبات العضوية المقدمة من أجل الانضمام لعضوية المنظمة من الدول الأخرى.

    ثانيًا: مجلس رؤساء حكومات الدول الأعضاء

    يتكون هذا المجلس من رؤساء حكومات الدول الأعضاء في المنظمة ويعقد هذا المؤتمر مرة كل سنة في إحدى مدن الدول الأعضاء ويرأس هذا الاجتماع رئيس وزراء الدولة المستضيفة ويتم تحديد موعد ومكان اجتماعات هذا المجلس من خلال تفاهمات بين رؤساء الحكومات للدول الأعضاء.

    أبرز مهام هذا المجلس:

    1- الموافقة على ميزانية المنظمة.

    2- يقوم هذا المجلس بالبت في القضايا الرئيسية داخل المنظمة وخاصة ما يتعلق بالجانب الاقتصادي بين الدول الأعضاء.

    ثالثًا: مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء

    يجتمع مجلس وزراء الشئون الخارجية للدول الأعضاء بصورة اعتيادية مرة كل عام، حيث يجتمع هذا المجلس قبل انعقاد مجلس رؤساء الدول بشهر واحد، أما بالنسبة للاجتماعات الاستثنائية للمجلس لا تعقد إلا بتقديم طلب عقد اجتماع استثنائي من قبل دولتين من الأعضاء على الأقل وموافقة باقي الدول الأعضاء على هذا الطلب، وتحدد هذه الاجتماعات من خلال اتفاقية متبادلة بين وزراء الشئون الخارجية للدول الأعضاء. يترأس اجتماعات هذا المجلس وزير خارجية الدول التي استضافت آخر اجتماع لرؤساء الدول الأعضاء حتى إقامة الاجتماع الذي يليه وتتناوب الرئاسة للمجلس بهذا الشكل.

    أما أبرز مهام هذا المجلس كالتالي:

    1- النظر في المسائل المتعلقة بالأنشطة اليومية للمنظمة.

    2- الإعداد لاجتماعات مجلس رؤساء الدول من خلال اجتماع سابق لاجتماع مجلس رؤساء الدول.

    3- عقد واستضافة المشاورات والمباحثات حول المشاكل بين الدول الأعضاء وغيرها من المشاكل الدولية.

    4- يكون هذا المجلس في حالات معينة الناطق الرسمي باسم المنظمة ويكون رئيس هذا المجلس الممثل الرسمي للمنظمة في تعاملاتها مع الدول والمنظمات الأخرى.

    رابعًا: اجتماعات رؤساء الوزارات أو الوكالات

    تكون هذه الاجتماعات وفق قرارات لمجلس رؤساء الدول ومجلس رؤساء الحكومات لعقد اجتماعات لرؤساء الوزارات أو الوكالات من أجل النظر في قضايا معينة ومحددة، ويتم هذا الاجتماع برئاسة رئيس الوزارة أو الوكالة للدولة المستضيفة للاجتماع الذي يحدد بصورة مسبقة ويحق للدول الأعضاء تشكيل لجان متخصصة تكون ممثلة للوزارات أو الوكالات من أجل القيام بهذه الاجتماعات وما ينتج عنها وفقا للوائح المنظمة لاجتماعات رؤساء الوزارات أو الوكالات.

    خامسًا: مجلس المنسقين الوطنيين

    يتكون هذا المجلس من منسقين وطنيين ممثلين لكل دولة عضو، ويتم تعيينهم في المجلس حسب اللوائح الداخلية لكل دولة عضو، أما الاجتماعات فيعقد هذا المجلس ثلاث اجتماعات دورية في السنة ويرأس هذا المجلس المنسق الوطني للدولة العضو التي استضافت آخر اجتماع عادي دوري لمجلس رؤساء حتى انعقاد الجلسة المقبلة لمجلس رؤساء الدول.

    ويقوم هذا المجلس بالمهام التالية:

    1- التوجيه والتنسيق للأنشطة اليومية في المنظمة بصورة كاملة.

    2- الإعداد لاجتماعات مجلس رؤساء الدول وكذلك رؤساء الخارجية ومجلس رؤساء الحكومات.

    3- يكون رئيس هذا المجلس الممثل الرسمي للمنظمة في اتصالاتها الخارجية مع المنظمات والدول بتفويض من رئيس مجلس وزراء الخارجية للدول الأعضاء.

    سادسًا: الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب

    من أبرز الأجهزة الدائمة للمنظمة، وقد تم إنشاء هذا الهيكل الإقليمي عام 2001 بتوقيع اتفاقية شاملة بين الدول الأعضاء تحت مسمى معاهدة شنغهاي لمكافحة الإرهاب والتطرف والانفصالية، وقد حددت هذه الاتفاقية التي تتكون من 21 مادة تفاصيل هذا الهيكل وكيفية عمله وتمويله ولجانه بصورة مفصلة.

    سابعًا: الأمانة العامة

    تعتبر الهيئة الإدارية للمنظمة ويترأس الأمانة العامة الأمين التنفيذي للمنظمة والذي يتم تعيينه من قبل مجلس رؤساء الدول بترشيح من قبل مجلس وزراء الخارجية ويكون من مواطني الدول الأعضاء في المنظمة وفقًا للأبجدية الروسية ولفترة ثلاث سنوات غير قابلة للتجديد. أما نواب الأمين التنفيذي فيتم تعيينهم من جنسيات مختلفة لجنسية الأمين التنفيذي بقرار من مجلس وزراء الخارجية بترشيح من مجلس المنسقين الوطنيين. أما بقية موظفي الأمانة العامة يتم تعيينهم من مواطني الدول الأعضاء على أساس المحاصصة.

    أبرز مهام الأمانة العامة:

    1-توفير الدعم التقني والتنظيمي للمشاريع التي نظمت في إطار المنظمة.

    2- إعداد الاقتراحات حول الميزانية العامة للمنظمة.

    وتتعهد الدول الأعضاء باحترام المهام التي يقوم بها الأمين العام ونوابه وموظفي الأمانة العامة وعدم ممارسة أي تأثير عليهم أثناء ممارستهم لمهامهم[8]. ويكون مقر الأمانة العامة لمنظمة شنغهاي للتعاون في العاصمة الصينية بيكين[9].

    الشكل التوضيحي:[10]

    سادسًا: الأداء السياسي

    رغم أن إعلان تأسيس اتفاقية شنغهاي في عام 1996 احتوى على بيان يشدد على أن هذه الأخيرة “ليست تحالفًا موجهًا ضد دول أو مناطق أخرى، وأنه يلتزم بمبادئ الانفتاح”، إلا أن معظم المحللين يعتقدون أن أحد أهم أهداف هذا التجمع هو العمل كموازن للقوة الأميركية، وتجنب النزاعات التي تسمح لواشنطن بالتدخل في مناطق قريبة من حدود الصين وروسيا. كما يعتقد آخرون أن الاتفاقية شهدت النور كرد مباشر على التهديد الذي بات يفرضه تمدد القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة آسيا الوسطى، إضافة إلى إحياء مشروع أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكي، بعد أن غيّرت الولايات المتحدة سياساتها النووية وبدأت تعزيز ما بات يعرف بـ”الدفاع الصاروخي القومي”، أو حرب النجوم، في أوروبا[11].

         تمتلك منظمة شنغهاي للتعاون من الإمكانات ما يؤهلها لأن تكون أحد الأقطاب الدولية في النظام الدولي الراهن، إذ تعد الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون ذات قوة اقتصادية كبيرة من حيث ما تملكه من معطيات طبيعية ( إذ تبلغ مساحتها 30 مليون كلم مربع ما يعادل 5/3 من مساحة القارة الأوراسية وقد تصل إلى 38 مليون كلم مربع في حالة قبول الهند وباكستان)، وتسيطر على 5/1 من الاقتصاد العالمي، 8/1 من احتياطي النفط العالمي)، ومعطيات بشرية ( تمثل الدول الأعضاء في المنظمة 60% من سكان العالم )، ومعطيات عسكرية ( تضم المنظمة أربع دول نووية)، كما أن هذا التنظيم يتكون من عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي، وفي الوقت نفسه اثنين من البلدان الأعضاء  G8 مهمة (روسيا والصين)، وثلاثة من الدول الأعضاء في منظمة الـBRICS (روسيا، الصين، والهند)، والمنتجين والمستهلكين الرئيسين للطاقة ( الصين والهند)، هذا ما يؤثر في التوازن الإقليمي في القارة، ما يجعل المنظمة تؤثر من خلال ثقلها السكاني والبشري والاقتصادي والعسكري في مختلف القرارات والسياسات التي ترتبط بالقارة الآسيوية ومنطقة أوراسيا[12].

         هذا بالإضافة إلى رفض كل من الصين وروسيا سياسة الهيمنة الأميركية في انتهاجها سياسة القطب الواحد، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول وسط آسيا وتايوان والتبت ومحاصرة روسيا في منطقة شرق أوروبا وقطع طريقها إلى البلقان بانتزاع أوكرانيا، ولأن بحر قزوين منطقة مصالح حيوية للولايات المتحدة الأميركية. وبهذا التكوين الجيوبوليتيكي تمتلك شنغهاي إمكانات نوعية كبيرة، تؤهلها لتكون واحدة من أهم المنظمات الإقليمية، وأحد الأقطاب الجديدة في العلاقات الدولية[13].   

         عالجت منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) منذ نشأتها في 2001م الكثير من المشكلات التي أنشئت من أجلها، كتعزيز الثقة المتبادلة وحسن الجوار بين الدول الأعضاء، إلى جانب تطوير التعاون الفاعل بينها في السياسة والتجارة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والثقافة وفي شؤون التربية والطاقة والنقل والسياحة وحماية البيئة، والعمل على محاربة الجريمة المنظمة، ومواجهة المخاطر المشتركة التي تواجهها وأهمها: الإرهاب وحركات الانفصال في بعض أقاليمها، والتطرف الديني، كذلك محاربة تجارة المخدرات وتهريبها عبر حدودها، وفق آلية مشتركة بينها، آخرها توفير السلام والأمن  والاستقرار في المنطقة. وهذه كلها قضايا داخلية تعاني منها الدول الأعضاء[14].

         كما أن من أبرز الأمور والقضايا التي تطرقت لها المنظمة هي دعوة البيان الختامي لاجتماع دول منظمة شنغهاي في عام 2005م، الولايات المتحدة الأميركية بتحديد موعد لإغلاق قواعدها العسكرية في دول آسيا الوسطى، الأمر الذي شجع دولة أوزبكستان على طرد القوات الأميركية من قاعدة كارشي خان أباد الجوية، وجمهورية قيرغيزيا على إغلاق قاعدة ماناس في مطار بيشكيك[15].

    كما دعا البيان في القمة التاسعة للمنظمة إلى التوجه نحو النظام المتعدد الأقطاب في العالم باعتباره أمرًا لا مفر منه في ظل وجود قدرات متنامية لدى المنظمات الإقليمية على حل المشكلات والأزمات الكونية، وإعادة صياغة نظام مالي واقتصادي عالمي قائم على العدالة والمساواة[16]. في قضايا التعاون الاقتصادي، وتوضح ذلك منذ خمس سنوات، بعد أن أقرت المنظمة برنامجًا للتعاون التجاري الاقتصادي الطويل الأمد حتى عام 2020، وأقامت المنظمة آلية فعالة لتعزيز التعاون بمختلف المجالات، ولاسيما الاقتصادية، ومثال معبّر على ذلك، حسب ما نشرته وكالات الأنباء الصينية والروسية وغيرها، عن نمو تجارة الصين السنوية مع باقي أعضاء المنظمة من12مليار دولار أميركي في العام 2001 إلى حوالي 90 مليار دولار أميركي في العام 2011[17].

    تعَهد قادة المنظمة بتعزيز الأمن الإقليمي وإقامة “ناد للطاقة”، وإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع وعد من جنرالات موسكو بأن تجري مثل هذه المناورات بشكل منتظم وسنوي، وقد تم ذلك تحت مسمى مهمة السلام منذ 2005م[18].

    صاغت قمة شنغهاي موقفًا مشتركًا من حل الأزمات الإقليمية. فمثلا أعلن المشاركون فيها أنهم ضد تدخل عسكري في شئون بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وركزوا على وجوب احترام خيار دول وشعوب المنطقة. وفيما يتعلق بسورية فقد اعترض قادة بلدان منظمة شنغهاي على إجراء عملية عسكرية أجنبية فيها وعلى الإسراع في عملية تسليم السلطة باستخدام القوة. وأيدوا جهود مجلس الأمن الدولي الهادفة إلى تسوية الأزمة سياسيًا وأصروا على وقف كل أنواع العنف في الأراضي السورية مهما كان مصدرها[19].

    حول الوضع في إيران، أعلنت المنظمة أن “أي محاولة لتسوية القضية الإيرانية بالقوة لن تكون مقبولة وستؤدي إلى عواقب لا يمكن توقعها ستهدد الاستقرار والأمن في المنطقة وفي العالم بأسره”[20].

    أما بشأن الأزمة الأوكرانية فقد أكدت الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي أهمية تسوية الأزمة في أوكرانيا بالوسائل السياسية وعلى أساس تنفيذ اتفاقات مينسك التي تعود إلى 12 فبراير/شباط عام 2015، بنزاهة[21].

    أخيرًا، الدعوة إلى تبني معاهدة شاملة للأمم المتحدة بشأن محاربة الإرهاب، فقد أعرب زعماء الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي في بيانهم عن قناعتهم باستحالة محاربة الإرهاب بصورة فعالة، إلا بتضافر الجهود الدولية. وفي هذا السياق، دعت المنظمة الأمم المتحدة إلى تبني معاهدة شاملة حول محاربة الإرهاب في أقرب وقت ممكن. وجاء في البيان أيضًا أن هذا العمل يجب أن يعتمد على جهود موحدة للمجتمع الدولي مبنية على قاعدة القانون الدولي ومواقف مشتركة شاملة[22].

    منظمة شنغهاي تندفع بالفعل نحو هدف موازنة القوة الأميركية، أولًا في وسط آسيا، وربما لاحقًا في بقية مناطق العالم. لكن هذا لا يعني أن ذلك سيحدث اليوم أو غدًا. فلا الصين في وارد رمي القفاز في وجه أميركا، حفاظًا على أولوية نموها الاقتصادي، ولا روسيا قادرة وحدها على مجابهة القوة الأميركية بعد أن خرجت من الحرب الباردة، وهي مجردة بالكامل من كل ملابسها تقريبًا، فضلًا عن ذلك، ما زالت الخلافات عديدة وعميقة بين بكين وموسكو حول العديد من القضايا الدقيقة، ليس آخرها التنافس على النفوذ في الجمهوريات الآسيوية الإسلامية[23].

    سابعًا: أبرز المعوقات والتحديات

    • أن بعض الدول التي تتمتع بصفة مراقب في منظمة شنغهاي كالباكستان أقرب إلى التحالف مع الولايات المتحدة منها إلى موسكو وبكين.
    • أن المنظمة لا يمكن أن تكون نواة مشروع قطبي لضمها دولًا غير متكافئة.
    • التنافس بين بكين وموسكو على الزعامة داخل المنظمة ووجود خلافات بين البلدين بشأن قضايا التوسع الاقتصادي والسياسي الصيني في آسيا الوسطى.[24]

    كذلك نجد عقبات كثيرة تحول دون بروز شنغهاي قطبًا دوليًا جديدًا أهمها:

    • التنافس على النفوذ ومشاكل تسلسل الأولويات بين موسكو وبكين، إذ تميل موسكو إلى التركيز على المسائل الأمنية، فيما تنحاز بكين للتركيز على التعاون الاقتصادي. بعبارة أخرى روسيا تريد أن تكون منظمة شنغهاي وسيلة لتدعيم الوجود الاستراتيجي الروسي في آسيا الوسطى، في حين تريد الصين أن تكون المنظمة أداة لمد نفوذها الاقتصادي.
    • لا تستطيع منظمة شنغهاي أن تعد نفسها حلفًا منافسًا للولايات المتحدة الأمريكية؛ فلكل من دولها علاقات واسعة معها، ولا تعتزم التضحية بها.[25]

    سابعًا: الخاتمة

    يمكن القول إن منظمة شنغهاي للتعاون وتحالفاتها الناشئة بعيدة عن أن تمثل بديلًا، أو أن تشكل قطبًا موازيًا أمام القوى الراسخة لحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية والغرب بصفة عامة، صحيح أنها نجحت في تحقيق الهدف الأول والأهم، الذي كانت تسعى إليه كل من الصين وروسيا وهو منع انفلات الأوضاع والأزمات بالقرب منهما لكي لا تحصل الولايات المتحدة على مبرر أو محفز للتدخل السياسي أو العسكري في (الفناء الخلفي) أو المنطقة القريبة من حدودها، وكذلك المطالبة بالخروج المبكر للقوات الأمريكية من منطقة آسيا الوسطى عمومًا.

    ولا يمكن إغفال القدرات التي تتمتع بها المنظمة على كافة الأصعدة؛ إذ تضم عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي، وفي الوقت نفسه اثنين من البلدان الأعضاء في مجموعة الثمانية (روسيا، الصين)، وهما القوتان النوويتان بين الدول الأعضاء وغيرها ثلاث قوى نووية هم أعضاء مراقبون (الهند، باكستان، إيران)، وتحوي ربع سكان العالم وفي حال انضمام الهند وباكستان ومنغوليا كعضو كامل العضوية ستمثل نصف البشرية. وتحوي ثلاث دول من مجموعة البريكس هي (روسيا، الصين، الهند)، وأكبر المنتجين والمستهلكين للطاقة.

    ورغم ذلك فقد واجهت المنظمة معوقات جمة كما سبق وأسلفنا، وعليه يمكن القول إنه من السابق لأوانه القول ببروز منظمة شنغهاي قطبًا دوليًا جديدًا، لكن تشكل المنظمة واستمرارها إضافة إلى دول البريكس (BRICS) قوة دولية يمكن أن تكون اللبنة الأولى والمؤثرة لانطلاق نظام عالمي تعددي في المستقبل. ويبقى المستقبل كفيلًا بالإجابة على كل الأسئلة المتعلقة بهذا الدور وإمكانية توسعه ليشمل القضايا المصيرية في العالم والمنطقة والشرق الأوسط بشكل خاص.

    المراجع العربية:

    • عبدالخالق دحمان، التحالف الشرقي المقبل: منظمة شنغهاي للتعاون والتوجه نحو العالمية، سياسات عربية، ع: 12،( الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015)
    • رضا محمد هلال، منظمة شنغهاي” لنظام دولي جديد، ملحق الأسبوع السياسي، تاريخ النشر: 26/09/2013، على الرابط: http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/725fc55f-c383-4031-b737-4a5a8aef7bec
    • توسيع عضوية منظمة شنغهاي، صوت روسيا، 7/6/2012، على الرابط التالي: http://arabic.sputniknews.com/arabic.ruvr.ru/2012_06_07/77375140
    • كاظم الموسوي، زعماء منظمة شنغهاي يدعون للحفاظ على وحدة أراضي سوريا، روسيا اليوم، 24/6/2016، على الرابط التالي: https://arabic.rt.com/news/829209.
    • كاظم الموسوي، منظمة شنغهاي للتعاون.. مواقف وسياسات، موقع الصين بعيون عربية، 12/6/2012، شوهد في 18/7/2016، على الرابط التالي: http://www.chinainarabic.org/?p=9493.
    • سعيد محيو، قمة معاهدة شنغهاي: نحو نظام عالمي جديد، موقع siironline, 24/8/2007, شوهد في: 18/7/2016، على الرابط: http://www.siironline.org/alabwab/maqalat&mohaderat(12)/952.htm.
    • أسامة الحمد، هيكلية منظمة شنغهاي واهدافها، قناة RT Arabic على يوتيوب، على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=0KgVYZ4iyZc

    المراجع الأجنبية


    [1] عبدالخالق دحمان، التحالف الشرقي المقبل: منظمة شنغهاي للتعاون والتوجه نحو العالمية، سياسات عربية، ع: 12،( الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015)، ص 98- 102، بتصرف.

    [2] عبدالخالق دحمان، التحالف الشرقي المقبل: منظمة شنغهاي للتعاون والتوجه نحو العالمية، سياسات عربية، ع: 12،( الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015)، ص 98- 102، بتصرف.

    [3] أسامة الحمد، هيكلية منظمة شنغهاي وأهدافها، قناة RT Arabic على يوتيوب، على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=0KgVYZ4iyZc

    [4] Charter of the Shanghai Cooperation Organization, pg: 8,9, PDF on the link: https://www.google.com

    [5] أسامة الحمد، هيكلية منظمة شنغهاي وأهدافها، قناة RT Arabic على يوتيوب، على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=0KgVYZ4iyZc

    [6] مصدر سابق

    [7] عبدالخالق دحمان، التحالف الشرقي المقبل: منظمة شنغهاي للتعاون والتوجه نحو العالمية، سياسات عربية، ع: 12،( الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015)، ص 98- 102، بتصرف.

    [8] Charter of the Shanghai Cooperation Organization, pg: 8,9, PDF on the link: https://www.google.com

    [9] Shanghai Cooperation Organization, Wikipedia   on the link: https://en.wikipedia.org/wiki/Shanghai_Cooperation_Organisation

    [10] ويكيبيديا كومنز

    [11]– سعيد محيو، قمة معاهدة شنغهاي: نحو نظام عالمي جديد، موقع siironline, 24/8/2007, شوهد في: 18/7/2016، على الرابط: http://www.siironline.org/alabwab/maqalat&mohaderat(12)/952.htm.

    [12]– عبدالخالق دحمان، التحالف الشرقي المقبل: منظمة شنغهاي للتعاون والتوجه نحو العالمية، سياسات عربية، العدد 12،(الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015)، ص 98- 102، بتصرف.

    [13]– مرجع سابق، ص 98.

    [14]– عبدالخالق دحمان، مرجع سابق، ص 98.

    [15]– مرجع سابق، نفس الصفحة.

    [16]– مرجع سابق، نفس الصفحة.

    [17]– كاظم الموسوي، منظمة شنغهاي للتعاون.. مواقف وسياسات، موقع الصين بعيون عربية، 12/6/2012، شوهد في 18/7/2016، على الرابط التالي: http://www.chinainarabic.org/?p=9493.

    [18]– سعيد محيو، مرجع سابق.

    [19]توسيع عضوية منظمة شنغهاي، صوت روسيا، 7/6/2012، على الرابط التالي: http://arabic.sputniknews.com/arabic.ruvr.ru/2012_06_07/77375140/.

    [20]– كاظم الموسوي، مرجع سابق.

    [21]زعماء منظمة شنغهاي يدعون للحفاظ على وحدة أراضي سوريا، روسيا اليوم، 24/6/2016، على الرابط التالي: https://arabic.rt.com/news/829209.

    [22]– مرجع سابق.

    [23]– سعيد محيو، مرجع سابق.

    [24] رضا محمد هلال، منظمة شنغهاي” لنظام دولي جديد، ملحق الأسبوع السياسي، تاريخ النشر: 26/09/2013، على الرابط: http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/725fc55f-c383-4031-b737-4a5a8aef7bec

    [25] عبدالخالق دحمان، التحالف الشرقي المقبل: منظمة شنغهاي للتعاون والتوجه نحو العالمية، سياسات عربية، ع: 12،( الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015)، ص 98- 102، بتصرف.



    أحدث المقالات

    • وهم الثراء 

      وهم الثراء 

    • لماذا يجب أن نثقف أنفسنا؟

      لماذا يجب أن نثقف أنفسنا؟

    • إدانة العربي في الأدب الصهيوني.. كيف افترى سميلانسكي على العرب؟

      إدانة العربي في الأدب الصهيوني.. كيف افترى سميلانسكي على العرب؟

    • ملخص كتاب رأس المال (2)

      ملخص كتاب رأس المال (2)

    • ملخص كتاب رأس المال (1)

      ملخص كتاب رأس المال (1)