السياسة الخارجية اليمنية تجاه الخليج العربي (1968-1988م)*

نصرف اهتمام الباحث في الدراسة إلى استقصاء طبيعة السياسة الخارجية تجاه الخليج العربي ومضامينها تجاه مجمل التفاعلات التي شهدتها منطقة الخليج خلال فترة زمنية امتدت من 1968-1988م, وقد انصرفت إشكالية الدراسة نحو ثلاثة اتجاهات البحر الأحمر والقرن الأفريقي, والسعودية, الخليج العربي…


[1] – جلال إبراهيم فقيرة، السياسة الخارجية اليمنية تجاه الخليج العربي (1968-1988)، كلية العلوم السياسية جامعة بغداد، 1994م.

المقدمة:

انصرف اهتمام الباحث في الدراسة إلى استقصاء طبيعة السياسة الخارجية تجاه الخليج العربي، ومضامينها تجاه مجمل التفاعلات التي شهدتها منطقة الخليج خلال فترة زمنية امتدت من (1968-1988م)، وقد انصرفت إشكالية الدراسة نحو ثلاثة اتجاهات، البحر الأحمر والقرن الأفريقي، والسعودية والخليج العربي، حاول من خلالها التركيز على مجمل التفاعلات التعاونية منها والصراعية، واستخدم فيها الباحث منهج المصلحة الوطنية، وفقا للمفهوم الذي طوره نوشترلين، وتكمن أهمية الدراسة من حيث أن موضوعها حديث نسبيًا، وباعتبارها محاولة أكاديمية لنيل درجة علمية، وتقدم في الوقت نفسه إضافة علمية لحقل السياسة الخارجية اليمنية، وتهدف إلى استقصاء طبيعة السياسة الخارجية اليمنية ومضامينها تجاه مجمل التفاعلات في منطقة الخليج العربي، وقد انطلق من فرضية (أن السياسة الخارجية اليمنية تجاه تفاعلات الخليج قد توقفت على علاقة اليمن، وفي ضوء قابليتها المحدودة، بالوحدات السياسية في الخليج أو بأطراف التنافس الدولي، ولأن الدراسة تعد الأولى من نوعها اعتمد الباحث على نوعين من الأدوات المكتبية، الأولى كتب عن الخليج العربي بقضاياه المختلفة، والثاني يتضمن الوثائق والتقارير والتصريحات الصادرة عن جهاز صنع القرار اليمني.

تقسيم الدراسة وأهم ما تضمنته

وقد قسم الباحث دراسته إلى ثلاثة فصول: الأول، تضمن مقدمة نظرية تناول فيها أطر السياسة الخارجية اليمنية ومحدداتها، ويعالج الثاني مضامين سياسة اليمن تجاه الخليج العربي خلال الفترة من (1968-1977 م)، وهي فترة حكم كل من عبدالرحمن الإرياني، إبراهيم الحمدي، أحمد حسين الغشمي، ويكرس الفصل الثالث لمناقشة السياسة الخارجية تجاه الخليج في فترة حكم الرئيس علي عبدالله صالح، وهي من (1978 -1988م)، فبينما ركز الفصل الأول على الإطار الدستوري والقانوني للسياسة الخارجية اليمنية، والمحددات العامة، وسلط الضوء على محددات السياسة الخارجية اليمنية تجاه الخليج العربي، فقد ركز الفصلان الثاني والثالث على معالجة سياسة اليمن تجاه تفاعلات الخليج في الحقبتين وهي (1968 -1977 م و1978- 1988م) ومن خلال أربعة محاور، هي التنافس الدولي في الخليج العربي: فقبلت صنعاء بمبدأ نيكسون ضمنيا ورفضت مبدأ كارتر التدخلي، وقد رفضت صنعاء الوجود الأجنبي الأمريكي والسوفيتي أيًا كان شكله، وأيًا كانت مسوغاته، أما المحور الثاني فهو يتعلق بالصراعات الإقليمية؛ فقد كانت مواقف صنعاء نابعة من انتمائها القومي العربي الإسلامي، أما المحور الثالث وهو الجانب الأمني فقد حرصت صنعاء على الاشتراك في الترتيبات الأمنية الرامية إلى ضمانات أمن الخليج، والمحور الرابع تعلق بالتعاون والصراع المتضمن في السياسة اليمنية تجاه دول الخليج العربي؛ فقد سارعت صنعاء للاعتراف بالدول الحديثة الاستقلال في الخليج، وأقامت العلاقات الدبلوماسية مع دول الخليج.

استنتاجات الدراسة

1  – اتبعت صنعاء سياسة ارتكزت على التوازن وعدم الانحياز لأي من طرفي التنافس الدولي في الخليج، وفيما لا يتعارض مع الثوابت السياسة اليمنية .

2 – اتبعت صنعاء نهجًا وسطيًا في تعاملها مع معظم تفاعلات الخليج، فكانت وسطية الأهداف ووسطية الأدوات؛ فقد أعطت أولوية للأدوات السلمية في تنفيذ سياستها، وتمثلت تلك الأدوات في الأداة الدبلوماسية والدعائية.

3 – ظل القلق من الانعزالية أحد الهواجس الرئيسة التي دأبت صنعاء على محاولة كسر حوائطها؛ مما دفع بها ذلك إلى محاولة تأمين دور يمني مشارك في تفاعلات الخليج، وحاولت لفت انتباههم إلى ضرورة أخذ اليمن في الحسبان كونه أحد الفواعل.

4- نجحت صنعاء بنظامها الجمهوري في التعايش سلميا مع الأنظمة المحافظة في الخليج، كما طورت علاقات وثيقة مع النظام الجمهوري التقدمي في بغداد.

5 – بالرغم من أن اليمن لم تقدم تصورًا واضحًا عن كيفية البنية الأمنية الخليجية، لكنها مع ذلك أخذت بسياسة تضمنت محاولات حذرة للحصول على دور في حماية أمن الخليج، وأكدت باستمرار أهمية الخليج كونه أحد عناصر أمن واستقرار اليمن، ورفضت الصيغ الأمنية المتضمنة مشاركة أطراف أجنبية، وحبذت تلك الصيغ  ذات الهوية القومية خصوصًا التي تؤمن لها الدور الذي تنشده .

6 – اتسمت سياسة صنعاء بالتغير وعدم الثبات، على هدى من أمرين هما، المصلحة الوطنية اليمنية وعدم الخروج عن الإجماع العربي.

7 – ركزت صنعاء على تمتين علاقاتها مع دول محددة، يأتي في مقدمتها السعودية والعراق والإمارات والكويت، وعلى تطوير مجالات محددة للتعاون أهمها الاقتصاد والدفاع.

وقد جاء مسار الدراسة متسقا مع الفرضية التي انطلقت منها، إذ توقفت سياسة صنعاء تجاه تفاعلات الخليج على طبيعة علاقاتها مع واشنطن أو موسكو دوليا ومع الرياض وطهران أو عدن إقليميًا، ولعب القيد العسكري الاقتصادي دورًا كبيرًا في تحجيم تأثيرها في تلك التفاعلات؛ ولذا قبلت بدور هامشي واتخذت مواقف تمثل جلها في الشجب والتنديد والإدانة أو التأييد والمباركة والترحيب بالاعتماد على الخطاب السياسي، وبدون القدرة على وضع الإرادة اليمنية موضع قبول لدى دول الخليج.


احرص على أن يصلك جديد عن طريق الاشتراك في قناتنا

على التلغرام

أحدث المقالات

  • وهم الثراء 

    وهم الثراء 

  • لماذا يجب أن نثقف أنفسنا؟

    لماذا يجب أن نثقف أنفسنا؟

  • إدانة العربي في الأدب الصهيوني.. كيف افترى سميلانسكي على العرب؟

    إدانة العربي في الأدب الصهيوني.. كيف افترى سميلانسكي على العرب؟

  • ملخص كتاب رأس المال (2)

    ملخص كتاب رأس المال (2)

  • ملخص كتاب رأس المال (1)

    ملخص كتاب رأس المال (1)